ما فرض ثبوته وتنجّزه ؛ إذ ما (١) وراء عبادان قرية ، وما وراء التنجّز تعليق. فالتعليق لا يتطرّق إلّا في ذي وجهين والمتحمّل لتقديرين.
وعلى ذلك فالتعليق في الجمل الخبريّة ليس للإخبار ولا في الجمل الإنشائيّة للإنشاء ، وإنّما الإخبار والإنشاء يتحقّقان بنفس جملتيهما وما بعد التحقّق تعليق ؛ لما عرفت أنّ التعليق يتضمّن تحقّقا ، ولا تحقّق كلّ على تقدير.
فكان المتعيّن رجوع التعليق في الجمل الخبريّة إلى المخبر به ، فكأنّ المخبر به عند قولنا : «إذا طلعت الشمس أضاء العالم» ، أمران : ضوء العالم عند طلوع الشمس ، وعدم ضوئه عند عدم طلوعها ، وفي الجمل الإنشائيّة رجوعه إلى المادّة الواقعة في حيّز الطلب ـ أعني الحجّ في مثل : «حجّ إن استطعت» ـ دون الهيئة المنشأة بها الطلب ودون الطلب الحقيقي القائم بالنفس الكاشف عنه الإنشاء ؛ لتحقّق إنشاء الطلب بهذه العبارة ، وقد عرفت أنّ التعليق لا يكون في أمر محقّق. والطلب الحقيقي أسبق تحقّقا منه لأنّه الباعث على الإنشاء ، فيكون أبعد ساحة من تطرّق التعليق.
وعلى هذا كان الشرط قيدا للموضوع ، وكان معنى «حجّ إن استطعت» أنّه أريد منك الحجّ الخاصّ الحاصل في ظرف الاستطاعة. ومع ذلك فالقول بالمفهوم في الشرط دون سائر أقسام القيد لعلّه لاستفادة تقييد خاصّ من هذا التقييد ، وتقييد معناه الحصر.
ومن هذا ظهر لك أن ليس المانع من رجوع التعليق إلى الإنشاء هو ما توهّم من جزئيّة مداليل الحروف والهيئات ، والجزئي لا يقبل التقييد الذي منه التعليق ، فإنّا نمنع من عدم قبول الجزئي للتقييد ، فإنّ الجزئي يقيّد بحسب الأحوال ، ولا المانع كون مداليل الحروف والهيئات غير ملحوظة إلّا بالتبع وفي جوف المتعلّقات ، وما هذا شأنه لا يقيّد ولا يعلّق ؛ لأنّ التقييد والتعليق ضرب من الحكم ، والحكم لا يعقل أن يوجّه إلى ما لم يلحظ إلّا تبعا ؛ لأنّ (٢) هذا المانع وكذا سابقه مختصّ بما إذا كان الإنشاء بالصيغة ، والمدّعى عامّ يشمل ما إذا كان الإنشاء بمثل : «واجب» و «يجب».
__________________
(١) «ما» في هذه الجمل نافية.
(٢) ردّ بهذا التعليل توهّم مانعيّة السابقين.