فهذا المقدار من الدلالة على المفهوم ـ الذي هو مقتضى التعليق ، لا يزيد مقتضاه على ذلك شعرة ـ ينبغي أن يعدّ من المسلّمات التي لا يتطرّقها إشكال.
وإنّما الخلاف في ثبوت المفهوم وانتفاء وجوب الإكرام عن زيد إذا لم يجئ بقول مطلق وعدمه ، وهذا الخلاف ليس خلاف ما هو قضيّة التعليق ؛ فإنّ قضيّة التعليق لا تزيد على ما ذكرناه ، وإنّما هو خلاف في متن ما ورد عليه التعليق ، وأنّه هو زيد المطلق وزيد هذا في كلّ الأحوال وجلّ الطوارئ والعوارض ، أو هو زيد المهمل وزيد اللابشرط عن الطوارئ والعوارض؟ فمن قال بالأوّل قال بالمفهوم ومن قال بالثاني أنكر المفهوم ، مع اتّفاق الفريقين على ثبوت المفهوم في الجملة وبالمعنى الذي قلناه.
والسرّ في ذلك أنّ التعليق يقتضي انتفاء الحكم عند انتفاء المعلّق عليه عن الموضوع الذي ثبت عند ثبوته ، فإن كان ذاك هو زيد في جميع الطوارئ وكلّ الحالات اقتضى ذلك ارتفاع وجوب الإكرام عن زيد في جميع الطوارئ وكلّ الحالات ـ إن سلّم أو أكرم أو فعل ما فعل ما لم يصدر منه المجيء ـ وإن كان هو زيد في الجملة اقتضى ذلك ارتفاعه عن زيد في الجملة وزيد المهمل ، فيكون صور تخصّص زيد بخصوصيّات أخر عدا المجيء مسكوتا عنها.
فكان أصل المفهوم مسلّما والنزاع في سعته وضيقه. وقد عرفت ما هو منشأ السعة والضيق وأنّ ذلك غير مماسّ بالتعليق ، وإنّما التعليق أثره المفهوم في الجملة وهذا ثابت لا إشكال فيه.
وممّا قرّرناه ظهر لك ما ينبغي أن يقال ويختار في مفهوم الشرط وأنّ التعليق لا يقتضي ذاك المفهوم الذي أرادوه حتّى يثبت لحاظ الموضوع في جانب المنطوق مطلقا ، فإن ثبت ، ثبت المفهوم ، وإلّا لم يثبت سوى المقدار الذي قلنا وبيّنا أنّه لا ينبغي النزاع فيه.
ثمّ إنّ بيان دلالة التعليق بالشرط على انتفاء سنخ الحكم في جانب المفهوم هو : أنّ التعليق عنوان جملتين متخالفتين بالإيجاب والسلب الواردين على موضوع واحد في تقديري ثبوت شيء آخر وعدم ثبوته. وذلك الشيء هو المقدّم فإن ثبت ثبت التالي وإن ارتفع ، ارتفع.
ومنه يظهر أنّه لا يمكن التعليق في كلّ ما ثبت وتحقّق ؛ فإنّ ما تحقّق فقد تنجّز. ومثله كلّ