تخصيص الصلاة المحبوبة في ذاتها أينما وقعت بخصوصيّة الكينونة في الحمّام ، فلا يكون النهي متعلّقا بما تعلّق به الأمر ليقتضي فساده ، بل تعلّق بشيء خارج؟
والحقّ هو هذا ، فلذا لا نقول باقتضاء النهي للفساد.
وتوضيح المقام هو أنّ كلّ حصّة مندرجة تحت طبيعة فهي منحلّة إلى ثلاثة أمور : نفس الطبيعة ، والخصوصيّة الموجودة في تلك الحصّة ، وتخصّص الطبيعة بتلك الخصوصيّة. والذي كان يبحث عنه في المسألة السابقة هو جواز اجتماع الأمر والنهي بعنوانين متصادقين في بعض الجزئيّات. وهنا يبحث بحثا صغرويّا خاصّا بالمجوّزين هناك عن أنّ النهي المتعلّق بحصّة من عبادة مأمور بها هل ظاهره التعلّق بنفس تلك الحصّة أو بتخصّصها؟ مع وضوح الحكم على كلّ منهما وأنّه على الأوّل يقتضي الفساد دونه على الأخير؟
والحقّ أنّ مثل «لا تصلّ في الحمّام» و «لا تأكل بكلتا يديك» و «لا تشرب في كوز مكسور» ظاهر في رجوع النهي والمبغوضيّة إلى القيد مع بقاء ذات المقيّد على ما كان عليه من المحبوبيّة من غير أن يعتريه من أجل توجّه النهي حزازة ومنقصة ، فكما جاز توجّه الأمر إلى طبيعة الصلاة والنهي إلى خصوصيّة الكون في الحمّام أو في الأرض الغصبيّة كذلك جاز توجّه الأمر إلى طبيعة الصلاة والنهي إلى تخصيص هذه الطبيعة بخصوصيّة الكينونة في الحمّام أو في الأرض الغصبيّة.
نعم ، من لا يجوّز الاجتماع هناك لا يجوّز هنا على أصله.
لكنّ المجوّز هناك ليس له المنع هنا إلّا أن يستظهر رجوع النهي إلى نفس الطبيعة لا إلى تخصّصها بخصوصيّة كذا. وهذا هو الذي قلناه : إنّ النزاع راجع إلى مقام الاستظهار من اللفظ لا إلى مقام الواقع. ويمكن تحرير البحث في المقام بما يخرج عن البحث في الدلالة بأن يقال : إنّ النزاع واقع ـ بعد التواطؤ والاتّفاق على توجّه النهي إلى تخصيص الطبيعة بخصوصيّة كذا لا إلى الطبيعة المتخصّصة ـ فإنه هل يجوز اجتماع الأمر بطبيعة مع النهي عن تخصيصها بخصوصيّة كذا أم لا؟ بعد الفراغ عن جواز اجتماع الأمر بالطبيعة مع النهي عن الخصوصيّة ، وهي المسألة السابقة.
فلعلّه لشدّة اتّحاد الذات مع التخصّص الذي هو معنى حرفي أفرد هذا بالبحث وظنّ فيه