الفقهاء مضافاً إلى شهرة والده العالم الشهير على تدريسه والاعتناء به ، كنت كثيراً ما اشاهده مسرعاً قاصداً جامع الهندي ـ وهو أكبر مسجد في النجف وكان المرحوم الميرزا حسين النائيني يلقي دروسه على تلامذته هناك ومنهم المترجم له ، وكان إذا حضر في المحافل تكون له صدارة المجلس وتطرح المسألة العلمية ويشتدّ النقاش حوله فكان من المجلّين في تحقيقه وخبرته وممن يؤخذ برأيه ويحترم قوله ، طلب مني أن أسهر على ولده الشيخ صالح ليكون منبرياً مرموقاً بين الخطباء فلازمني هذا الولد حرسه الله ملازمة الظل مدة لا تقل عن عشر سنوات فكان كما أراد أبوه فهو اليوم من خطباء النجف اللامعين وبحكم هذه الصلة فقد كانت المودة أكيدة مع الوالد والثقة أصيلة فعرفت منه طيب القلب وسلامة الذات وحسن المعاشرة والنصح لكل أحد من قريب وبعيد ويحب الخير لكل مخلوق مع رجاحة عقل واتزان كامل وربما تذاكرنا ما بيننا بمسألة نحوية وهو يصغي فيفيض علينا من معارفه وكأنه قد راجعها وأتقنها في تلك الآونة ، كان يخرج في السنة مرة واحدة إلى الريف حول النجف والمسماة بمنطقة ( المشخاب ) بطلب من أهالي تلك المنطقة لأجل التعليم الديني والارشاد والوعظ وصادف مرة ان كنتُ هناك فرأيت من تواضعه ولطف أخلاقه ما جذبني إليه وجعلني أثق به كل الوثوق سيما وقد دار البحث بيني وبينه حول معنى بيت من الشعر للسيد مير علي أبو طبيخ قاله في رثاء المرحوم الشيخ عبد الرضا آل الشيخ راضي من قصيدة وهو :
ولم لا تعذب
الأخلاق منه |
|
وكان ابن العراق
هوىً وماءا |
وهل ان الضمير يعود على الممدوح بنصب ( ابن ) أو أنها جملة مستأنفة فتكون ( ابن ) مرفوعة لأنها اسم لكان. وقد كرر الذهاب إلى تلك المنطقة حتى توفي بها فجأة سنة ١٣٦٦ ه. ونقل إلى النجف فدفن بها فرثاه جمع من الشعراء لا زلت أتذكر مطلع قصيدة أكبر أولاده وهو العلامة الشيخ أحمد سلمه الله قال :