قراءة لها ، ولا تعلم منهم (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) أي يقينا بهذا العدد ، وبصحة نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أخبرهم أهل الكتاب انه مثل ما في كتابهم (وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) أي ولئلا يشك هؤلاء في عدد الخزنة والمعنى : وليستيقن من لم يؤمن بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن آمن به صحة نبوّته إذا تدبّروا وتفكّروا (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) اللّام هنا لام العاقبة ، أي عاقبة أمر هؤلاء أن يقولوا هذا ، يعني المنافقين والكافرين (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) أي مثل ما جعلنا خزنة أصحاب النار ملائكة ذوي عدد محنة واختبارا نكلف الخلق ليظهر الضلال والهدى ، وأضافهما إلى نفسه لأنه سبب ذلك التكليف وهو من جهته (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) أي ما يعلم جنود ربك من كثرتها أحد إلّا هو ، ولم يجعل خزنة النار تسعة عشر لقلة جنوده ولكن الحكمة اقتضت ذلك ، ثم رجع إلى ذكر سقر فقال (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) أي تذكرة وموعظة للعالم ليتذكروا فيتجنّبوا ما يستوجبون به ذلك.
٣٢ ـ ٥٦ ـ (كَلَّا) معناه : ليس الأمر على ما يتوهّمونه من أنهم يمكنهم دفع خزنة النار وغلبتهم (وَالْقَمَرِ) أقسم بالقمر لما فيه من الآيات العجيبة في طلوعه وغروبه ، ومسيره وزيادته ونقصانه (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) وأقسم بالليل إذا ولى وذهب (وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) أي إذا أضاء وأنار ، وهو قسم آخر (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) هذا جواب القسم يعني : ان سقر التي هي النار لاحدى العظائم والكبر : جمع الكبرى وهي العظمى (نَذِيراً لِلْبَشَرِ) أي منذرا ومخوّفا ، معلما مواضع المخافة (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) أي يتقدم في طاعة الله ، أو يتأخر عنها بالمعصية عن قتادة والمشيئة : هي الإرادة ، فيكون المعنى : أن هذا الإنذار متوجه إلى من يمكنه أن يتقي عذاب النار بأن يتجنب المعاصي ويفعل الطاعات ، فيقدر على التقدم والتأخر (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) أي مرهونة بعملها محبوسة به ، مطالبة بما كسبته من طاعة أو معصية ، فالرهن : أخذ الشيء بأمر على أن لا يرد إلا بالخروج منه ، ويدخل فيه الفعل ، ثم استثنى سبحانه أصحاب اليمين فقال (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) وهم الذين يعطون كتبهم بإيمانهم وقيل : هم الذين يسلك بهم ذات اليمين وقال الباقر عليهالسلام : نحن وشيعتنا أصحاب اليمين (فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ) أي يسأل بعضهم بعضا (عَنِ الْمُجْرِمِينَ) أي عن حالهم ، وعن ذنوبهم التي استحقوا بها النار (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) هذا سؤال توبيخ أي تطلع أهل الجنة على أهل النار فيقولون لهم : ما أوقعكم في النار؟ (قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) أي كنا لا نصلي الصلاة المكتوبة على ما قرّرها الشرع (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) معناه : لم نك نخرج الزكوات التي كانت واجبة علينا ، والكفارات التي وجب دفعها إلى المساكين وهم الفقراء (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) أي كلما غوى غاو بالدخول في الباطل غوينا معه والمعنى : كنا نلوّث أنفسنا بالمرور في الباطل كتلويث الرجل بالخوض ، فلما كان هؤلاء يجرون مع من يكذب بالحق ، مشايعين لهم في القول ، كانوا خائضين معهم (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) مع ذلك ، أي نجحد يوم الجزاء وهو يوم القيامة ، والجزاء : هو الإيصال إلى كل من له شيء أم عليه شيء ما يستحقه ، فيوم الدين : هو يوم أخذ المستحق بالعدل (حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) أي أتانا الموت على هذه الحالة (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) أي شفاعة الملائكة والنبيين كما نفعت الموحدين عن ابن عباس في رواية عطاء ، وقال الحسن : لم تنفعهم شفاعة ملك ولا شهيد ولا مؤمن ، ويعضد هذا الإجماع على أن عقاب الكفر لا يسقط بالشفاعة ، وقد صحت الرواية عن عبد الله بن مسعود قال :