بها الإخلاص لله تعالى (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) اختلف فيه فقيل : هي الزكاة المفروضة عن علي وابن عمر والحسن وقتادة والضحاك ، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام وقيل : هو ما يتعاوره الناس بينهم من الدلو والفأس والقدر ، وما لا يمنع كالماء والملح. وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : هو القرض تقرضه ، والمعروف تصنعه ، ومتاع البيت تعيره ، ومنه الزكاة.
سورة الكوثر
مكية وآياتها ثلاث
١ ـ ٣ ـ خاطب سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على وجه التعداد لنعمه عليه فقال (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) هو نهر في الجنة. قال ابن عباس : لما نزلت (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) ، صعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المنبر فقرأها على الناس ، فلما نزل قالوا : يا رسول الله ما هذا الذي أعطاك الله؟ قال : نهر في الجنة أشدّ بياضا من اللبن ، وأشد استقامة من القدح ، حافتاه قباب الدرّ والياقوت ، ترده طير خضر لها أعناق كأعناق البخت قالوا : يا رسول الله ما أنعم تلك الطير قال : أفلا أخبركم بأنعم منها؟ قالوا : بلى. قال : من أكل الطائر ، وشرب الماء ، وفاز برضوان الله ، وقيل : هو حوض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) أمره سبحانه بالشكر على هذه النعمة العظيمة بأن قال : فصلّ صلاة العيد لأنه عقّبها بالنحر ، أي وانحر هديك واضحيتك (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) معناه : ان مبغضك هو المنقطع عن الخير ، وهو العاص بن وائل وقيل معناه : انه لا ولد له على الحقيقة وان من ينسب إليه ليس بولد له. قال مجاهد : الأبتر الذي لا عقب له ، وهو جواب لقول قريش : إن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم لا عقب له يموت فنستريح منه ، ويدرس دينه ولا يقوم مقامه من يدعو إليه ، فينقطع أمره. وفي هذه السورة دلالات على صدق نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحة نبوته (أحدها) انه أخبر عما في نفوس أعدائه وما جرى على ألسنتهم ولم يكن بلغه ذلك فكان على ما أخبر (وثانيها) انه قال : (أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) ، فانظر كيف انتشر دينه ، وعلا أمره ، وكثرت ذريته حتى صار نسبه أكثر من كل نسب ولم يكن شيء من ذلك في تلك الحال (وثالثها) ان جميع فصحاء العرب والعجم قد عجزوا عن الإتيان بمثل هذه السورة على وجازة ألفاظها مع تحدّيه إياهم بذلك ، وحرصهم على بطلان أمره منذ بعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى يومنا هذا ، وهذا غاية الإعجاز (ورابعها) انه سبحانه وعده بالنصر على أعدائه ، وأخبره بسقوط أمرهم ، وانقطاع دينهم أو عقبهم ، فكان المخبر على ما أخبر به هذا ؛ وفي هذه السورة الموجزة من تشاكل المقاطع للفواصل ، وسهولة مخارج الحروف بحسن التأليف والتقابل لكل من معانيها بما هو أولى به ما لا يخفى على من عرف مجاري كلام العرب.
سورة قل يا أيها الكافرون
مكية وآياتها ست آيات
١ ـ ٦ ـ خاطب سبحانه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال (قُلْ) يا محمد (يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) يريد قوما معينين لأن الألف واللام للعهد (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) أي لا أعبد آلهتكم التي تعبدونها (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) أي إلهي الذي أعبده (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) فيما بعد (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) فيما بعد اليوم من الأوقات المستقبلة قال الزجاج : نفى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذه السورة عبادة آلهتهم عن نفسه في الحال وفيما يستقبل ، ونفى عنهم عبادة الله في الحال وفيما يستقبل ، وهذا في قوم أعلمه الله سبحانه أنهم لا يؤمنون كقوله سبحانه في قصة نوح عليه