يشفع نبيّكم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم النبيون ثم الصديقون ثم الشهداء ، ويبقى قوم في جهنم فيقال لهم : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) إلى قوله (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) قال ابن مسعود فهؤلاء الذين يبقون في جهنم ، وعن الحسن عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يقول الرجل من أهل الجنة يوم القيامة : أي رب عبدك فلان سقاني شربة من ماء في الدنيا فشفّعني فيه ، فيقول : اذهب فأخرجه من النار ، فيذهب فيتجسّس في النار حتى يخرجه منها ، وقال صلىاللهعليهوآله : إنّ من أمتي من سيدخل الله الجنة بشفاعته أكثر من مضر (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) أي أيّ شيء لهم ولم أعرضوا وتولوا عن القرآن فلم يؤمنوا به؟ والتذكرة : التذكير بمواعظ القرآن والمعنى : لا شيء لهم في الآخرة إذا أعرضوا عن القرآن ونفروا عنه (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) أي كأنهم حمر وحشية نافرة (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) يعني الأسد (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) أي كتبا من السماء تنزل إليهم بأسمائهم أن آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (كَلَّا) أي حقا ليس الأمر على ما قالوا ولا يكون كذلك (بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) بجحدهم صحّتها ، ولو خافوا عذاب الآخرة لما اقترحوا الآيات بعد قيام الدلالات والمعجزات (كَلَّا) أي حقا (إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) أي إنّ القرآن تذكير وموعظة (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) أي اتعظ به لأنه قادر عليه (وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) هذه المشيئة غير الأولى ، فالأولى مشيئة اختيار ، والثانية مشيئة إكراه وإجبار والمعنى : أن هؤلاء الكفار لا يذكرون إلّا أن يجبرهم الله تعالى على ذلك (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) أي هو أهل أن يتقى محارمه ، وأهل أن يغفر الذنوب.
سورة القيامة
مكية وآياتها أربعون آية
١ ـ ١٥ ـ (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) إن لا ردّ على الذين أنكروا البعث والنشور من المشركين ، فكأنه قال : لا تظنّون ، ثم ابتدأ القسم فقال : أقسم بيوم القيامة أنكم مبعوثون ليكون فرقا بين اليمين التي تكون جحدا ، وبين اليمين المستأنفة (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) فإنكم لا تقرّون بأن النفس تلوم صاحبها يوم القيامة ، ولكن استخبركم فأخبروني هل أقدر على أن أجمع العظام المتفرقة؟ وجواب القسم تقديره : ما الأمر على ما تتوهمون ، وأنكم تبعثون ، والنفس اللوامة : الكثيرة اللوم ، وليس من نفس برّة ولا فاجرة إلّا وهي تلوم نفسها يوم القيامة ، إن كانت عملت خيرا قالت : هلّا ازددت ، وإن كانت عملت سوءا قالت : يا ليتني لم أفعل (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) صورته صورة الاستفهام ومعناه الإنكار على منكري البعث ومعناه : أيحسب الكافر بالبعث والنشور ؛ يعني جنس الكفار (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) أي انه لن نعيده إلى ما كان أولا عليه خلقا جديدا بعد أن صار رفاتا ، فكنّى عن البعث بجمع العظام ، ثم قال سبحانه (بَلى) نجمعها (قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) على ما كانت وإن قلّت عظامها وصغرت فنردّها كما كانت ونؤلّف بينها حتى يستوي البنان ، ومن قدر على جمع صغار العظام فهو على جمع كبارها أقدر (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ) أي يريد الكافر (لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) هذا اخبار من الله تعالى أن الإنسان يمضي قدما في معاصي الله تعالى راكبا رأسه لا ينزع عنها ولا يتوب ، فهذا هو الذي يحمله على الإعراض عن مقدورات ربّه فلذلك لا يقرّ بالبعث ، وينكر النشور (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) معناه : ان الذي يفجر أمامه يسأل متى تكون القيامة؟ وإنما يسأل عن ذلك تكذيبا به ،