الخليقة. ثم أخبر عن حال المؤمنين فقال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) أي خير الخليقة (جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) مرّ معناه (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) أي مؤبدين فيها دائما (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) بما قدموه من الطاعات (وَرَضُوا عَنْهُ) بما جازاهم من الثواب (ذلِكَ) الرضا والثواب (لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) فترك معاصيه ، وفعل طاعاته. وفي كتاب شواهد التنزيل للحاكم أبي القاسم الحسكاني رحمهالله قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بالإسناد المرفوع إلى يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي عليهالسلام قال : سمعت عليّا عليهالسلام يقول : قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا مسنده إلى صدري فقال : يا علي ألم تسمع قول الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)؟ هم شيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا اجتمعت الأمم للحساب يدعون غرّا محجلين. وفيه عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : (هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) قال : نزلت في عليّ عليهالسلام وأهل بيته.
سورة إذا زلزلت
مدنية وآياتها ثمان آيات
١ ـ ٨ ـ خوّف الله سبحانه عباده أهوال يوم القيامة فقال (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) أي إذا حركت الأرض تحريكا شديدا لقيام الساعة زلزالها التي كتب عليها ، ويمكن أن يكون إنما أضافها إلى الأرض لأنها تعمّ جميع الأرض بخلاف الزلازل المعهودة التي تختص ببعض الأرض ، فيكون في قوله : زلزالها تنبيها على شدتها (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) أي أخرجت موتاها المدفونة فيها ، تخرجها أحياء للجزاء عن ابن عباس ومجاهد والجبائي وقيل معناه : لفظت ما فيها من كنوزها ومعادنها فتلقيها على ظهرها ليراها أهل الموقف ، وتكون الفائدة في ذلك أن يتحسر العصاة إذا نظروا إليها لأنهم عصوا الله فيها ثم تركوها لا تغني عنهم شيئا ، وأيضا فإنه تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) أي ويقول الإنسان متعجبا : ما للأرض تتزلزل ، يعني ما لها حدث فيها ما لم يعرف منها عن أبي مسلم وقيل إن المراد بالإنسان الكافر لأن المؤمن معترف بها لا يسأل عنها ، أي يقول الكافر الذي لم يؤمن بالبعث : أيّ شيء زلزلها وأصارها إلى هذه الحالة؟ (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) أي تخبر بما عمل عليها. وجاء في الحديث أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أتدرون ما أخبارها؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : أخبارها أن تشهد على كل عبد وانه بما عمل على ظهرها تقول : عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا ، وهذا أخبارها وعلى هذا فيجوز أن يكون الله تعالى أحدث الكلام فيها وإنما نسبه إليها توسعا ومجازا ، ويجوز أن يقلبها حيوانا يقدر على النطق ، ويجوز أن يظهر فيها ما يقوم مقامه الكلام فعبّر عنه بالكلام كما يقال : عيناك تشهدان بسهرك وكقول الشاعر : «وقالت له العينان سمعا وطاعة» (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) معناه : أن الأرض تحدث بها فتقول : إن ربك يا محمد أوحى لها ، أي ألهمها وعرفها بأن تحدث أخبارها ، وقال ابن عباس : أذن لها لتخبر بما عمل عليها. وروى الواحدي بإسناده مرفوعا إلى ربيعة الحرشي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : حافظوا على الوضوء ، وخير أعمالكم الصلاة ، وتحفظوا من الأرض فإنها أمكم وليس فيها أحد يعمل خيرا أو شرّا إلا وهي مخبرة به وقال أبو سعيد الخدري : إذا كنت بالبوادي فارفع صوتك