عليه وآله وسلم إلى من يحبونه بل هي بيد الله يعطيها من يشاء ممن هو أهلها ويعلم أنه يصلح لها ، وقيل : إنما تدخل لا صلة في كل كلام دخل في أواخره أو أوائله جحد وإن لم يكن مصرّحا به نحو قوله : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) ، (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ).
سورة المجادلة
مدنية وعدد آياتها اثنتان وعشرون آية
لما ختم الله سورة الحديد بذكر فضله على من يشاء من عباده ، افتتح هذه السورة بذكر بيان فضله في إجابة الدعوة كما أجاب دعاء تلك المرأة فقال :
١ ـ ٥ ـ (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) أي تراجعك في أمر زوجها ، عن أبي العالية (وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) أي وتظهر شكواها وما بها من المكروه فتقول : اللهم إنك تعلم حالي فارحمني ، فإن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إليّ جاعوا (وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما) أي تخاطبكما ومراجعتكما الكلام (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) أي يسمع المسموعات ، ويرى المرئيات. ثم قال سبحانه يذم الظهار (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) أي يقولون لهن : أنتن كظهور أمهاتنا (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) أي ما اللواتي تجعلونهن من الزوجات كالأمهات بأمهات ، أي لسن بأمهاتهم (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) أي ما أمهاتهم إلا الوالدات (وَإِنَّهُمْ) يعني المظاهرين (لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ) لا يعرف في الشرع (وَزُوراً) أي كذبا ، لأن المظاهر إذا جعل ظهر امرأته كظهر أمه وليست كذلك كان كاذبا (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) عفا عنهم وغفر لهم وأمرهم بالكفارة. ثم بيّن سبحانه حكم الظهار فقال (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) يعني الذين يقولون القول الذي حكيناه (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) قال الأخفش : تقدير الآية : والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة لما قالوا ثم يعودون إلى نسائهم ، أي فعليهم تحرير رقبة لما نطقوا به من ذكر التحريم (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أي فعليهم تحرير رقبة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) أي من قبل أن يجامعها فيتماسّا والتحرير : هو أن يجعل الرقبة المملوكة حرة بالعتق بأن يقول المالك لمن يملكه : أنت حرّ (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) أي ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به ، أي أن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار قاله الزجاج (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي عليم بأعمالكم فلا تدعوا ما وعظكم به من الكفارة قبل الوطء فيعاقبكم عليه (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) أي فمن لم يجد الرقبة فعليه صيام شهرين متتابعين قبل الجماع والتتابع عند أكثر الفقهاء أن يوالي بين أيام الشهرين الهلاليين أو يصوم ستين يوما. وقال أصحابنا : انه إذا صام شهرا ومن الثاني شيئا ولو يوما واحدا ثم أفطر لغير عذر فقد أخطأ إلا أنه يبني عليه ولا يلزمه الاستئناف ، وإن أفطر قبل ذلك استأنف ، ومتى بدأ بالصوم وصام بعض ذلك ثم وجد الرقبة لا يلزمه الرجوع إليها وإن رجع كان أفضل ، وقال قوم : إنه يلزمه الرجوع إلى العتق وقوله (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) أي فمن لم يطق الصوم لعلة أو كبر فإطعام ستين مسكينا فعليه إطعام ستين فقيرا لكل مسكين نصف صاع ، فإن لم يقدر فمد (ذلِكَ) أي افترض ذلك الذي وصفناه (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) أي لتصدقوا بما أتى به الرسول ، وتصدقوا بأن الله أمر به (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) يعني ما وصفه من الكفارات في الظهار ، أي هي شرائع الله وأحكامه (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي وللجاحدين المتعدين حدود الله عذاب مؤلم في الآخرة (إِنَّ الَّذِينَ