آخر الزمان ؛ ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا صالحا من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما قد ملئت ظلما وجورا وقد أورد الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب البعث والنشور أخبارا كثيرة في هذا المعنى (إِنَّ فِي هذا) يعني في هذا الذي أخبرناكم به مما توعدنا به الكفار من النار والخلود فيها ، وما وعدنا به المؤمنين من الجنة والكون فيها. وقيل : معناه : إن في هذا القرآن ودلائله (لَبَلاغاً) أي كفاية ووصلة إلى البغية ، والبلاغ : سبب الوصول إلى الحق (لِقَوْمٍ عابِدِينَ) لله مخلصين له قال كعب : هم أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين يصلّون الصلوات الخمس ، ويصومون شهر رمضان ، سمّاهم عابدين (وَما أَرْسَلْناكَ) يا محمد (إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) أي نعمة عليهم قال ابن عباس : رحمة للبرّ والفاجر ، والمؤمن والكافر ، فهو رحمة للمؤمن في الدنيا والآخرة ، ورحمة للكافر بأن عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والمسخ (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أي مستسلمون منقادون لذلك بأن تتركوا عبادة غير الله (فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي أعرضوا ولم يسلموا (فَقُلْ آذَنْتُكُمْ) أي أعلمتكم بالحرب (عَلى سَواءٍ) أي ايذانا على سواء اعلاما نستوي نحن وأنتم في علمه لا استيذانا به دونكم لتتأهبوا لما يراد بكم ومثله قوله فانبذ إليهم على سواء وقيل معناه : أعلمتكم بما يجب الإعلام به على سواء في الإيذان ، لم أبيّن الحق لقوم دون قوم ، ولم أكتمه لقوم دون قوم ، وفي هذه دلالة على بطلان قول أصحاب الرموز وان للقرآن بواطن خصّ بالعلم بها أقوام (وَإِنْ أَدْرِي) أي وما أدري (أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) يعني أجل يوم القيامة ، فإن الله تعالى هو العالم بذلك ، وقيل معناه : أذنتكم بالحرب ولا أدري متى أؤذن فيه (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) أي ان الله يعلم السر والعلانية (وَإِنْ أَدْرِي) أي وما أدري (لَعَلَّهُ) كناية عن غير مذكور (فِتْنَةٌ لَكُمْ) أي لعل ما أذنتكم به اختبار لكم وشدة تكليف ليظهر صنيعكم عن الزجاج وقيل : لعل هذه الدنيا فتنة لكم عن الحسن وقيل : أي لعل تأخير العذاب محنة واختبار لكم لترجعوا عما أنتم عليه (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) أي تتمتّعون به إلى وقت انقضاء آجالكم (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) أي فوّض أمورك يا محمد إلى الله وقل : يا ربّ احكم بيني وبين من كذبني بالحق (وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ) الذي يرحم عباده (الْمُسْتَعانُ) الذي يعينهم في أمورهم ، فجمع بين الرحمة والمعونة اللتين تضمنتا أصول النعم (عَلى ما تَصِفُونَ) من كذبكم وباطلكم في قولكم : (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) ، وقولكم : (اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً).
سورة الحج
مدنيّة
وعدد آياتها ثمان وسبعون آية
لما ختم الله سورة الأنبياء بالدعاء الى التوحيد ، والإعلام بأنّ نبيّه رحمة للعالمين ، افتتح هذه السورة بخطاب المكلّفين ، ليتقوا الشرك ومخالفة الدين.
١ ـ ٥ ـ خاطب الله سبحانه جميع المكلفين فقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) معناه يا أيّها العقلاء المكلفون اتقوا عذاب ربكم ، واخشوا معصية ربكم (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ) أي زلزلة الأرض يوم القيامة ، والمعنى : أنها تقارن قيام الساعة وتكون معها (شَيْءٌ عَظِيمٌ) أي أمر عظيم هائل لا يطاق (يَوْمَ تَرَوْنَها) معناه : يوم ترون الزلزلة أو الساعة (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) أي : تشغل كل مرضعة عن ولدها وتنساه (وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) أي تضع الحبالى ما