منعه منه (الْقُدُّوسُ) أي الطاهر من كل عيب ونقص وآفة ، المنزه عن القبائح وقيل : هو المطهر عن الشريك والولد ، لا يوصف بصفات الأجسام ، ولا بالتجزئة والانقسام وقيل : هو المبارك الذي تنزل البركات من عنده (السَّلامُ) أي الذي سلم عباده من ظلمه وقيل : هو الذي من عنده ترجى السلامة (الْمُؤْمِنُ) الذي أمن خلقه من ظلمه لهم إذ قال : لا يظلم مثقال ذرة (الْمُهَيْمِنُ) أي الأمين حتى لا يضيع لأحد عنده حق عن ابن عباس والضحاك ، وقيل : هو الشاهد (الْعَزِيزُ) أي القادر الذي لا يصح عليه القهر (الْجَبَّارُ) وهو العظيم الشأن في الملك والسلطان ، ولا يستحق أن يوصف به على هذا الإطلاق إلا الله تعالى (الْمُتَكَبِّرُ) أي المستحق لصفات التعظيم (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي تنزيها له عما يشرك به المشركون من الأصنام وغيرها (هُوَ اللهُ الْخالِقُ) للأجسام المقدّر للأشياء بحكمته ، المحدث للأشياء على إرادته (الْبارِئُ) المنشىء للخلق ، الفاعل للأجسام والأعراض (الْمُصَوِّرُ) الذي صور الأجسام على اختلافها مثل الحيوان والجماد (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) نحو الله الرحمن الرحيم القادر العالم الحي وقد مرّ بيانه في سورة الأعراف (يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ينزهه جميع الأشياء ، فالحي يصفه بالتنزيه ، والجماد يدل على تنزيهه (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اسم الله الأعظم في ست آيات في آخر سورة الحشر.
سورة الممتحنة
مدنية وآيها ثلاث عشرة آية
١ ـ النزول
نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ، كتب إلى أهل مكة : ان رسول الله صلىاللهعليهوآله يريدكم فخذوا حذركم ، ونزل جبرائيل فاخبر النبي صلىاللهعليهوآله بما فعل ، فبعث رسول الله (ص) عليا وعمارا وعمر والزبير وطلحة والمقداد وأبا مرثد ، وقال لهم : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها ، فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي ذكره رسول الله (ص) فقالوا لها : أين الكتاب ، فحلفت بالله ما معها من كتاب ، نحوها وفتّشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا ، فهمّوا بالرجوع ، فقال عليّ عليهالسلام : والله ما كذبنا ولا كذبنا ، وسلّ سيفه وقال لها اخرجي الكتاب وإلا والله لأضربن عنقك ، فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها ، فرجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأرسل إلى حاطب فقال له : فما حملك على ما صنعت؟ قال يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ، ولا غششتك منذ نصحتك ، ولا أحببتهم منذ فارقتهم ، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلّا وله بمكة من يمنع عشيرته ، وكنت عريرا فيهم ـ أي غريبا ـ وكان أهلي بين ظهرانيهم ، فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يدا ، وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه ، وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا ، فصدّقه رسول الله صلىاللهعليهوآله وعذره.
١ ـ ٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) خاطب سبحانه المؤمنين ونهاهم أن يتخذوا الكافرين أولياء يوالونهم ويستنصرون بهم وينصرونهم (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) أي تلقون إليهم المودة ، وتبذلون لهم النصيحة يقال : ألقيت إليك بسرّي ، وقيل معناه : تلقون إليهم أخبار رسول الله صلىاللهعليهوآله بالمودة التي بينكم وبينهم عن الزجاج (وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِ) وهو القرآن والإسلام (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) من مكة (أَنْ تُؤْمِنُوا