وأولياءه من المكاره ، (وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) : أي تأشرون وتبطرون.
٧٦ ـ ٨٠ ـ ثم حكى سبحانه عن هؤلاء الكفار أنه يقال لهم (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) وهي سبعة أبواب (خالِدِينَ فِيها) أي مؤبّدين فيها لا انقطاع لكربكم فيها ، ولا نهاية لعقابكم (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) أي بئس مقام الذين تكبّروا عن عبادة الله تعالى ، وتجبّروا عن الانقياد له. ثم قال سبحانه لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم (فَاصْبِرْ) يا محمد على أذى قومك لك ، وتكذيبهم إياك ومعناه : اثبت على الحق ، فسمّاه صبرا للمشقة التي تلحق به كما تلحق بتجرع المرّ (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) معناه : إن ما وعد الله به المؤمنين على الصبر من الثواب في الجنة حقّ لا شكّ فيه ، بل هو كائن لا محالة (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) من العذاب في حياتك. وإنما قال : (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) ، لأن المعجل من عذابهم في الدنيا هو بعض ما يستحقّونه (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل أن يحلّ بهم ذلك (فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) يوم القيامة فنفعل بهم ما يستحقّونه من العقاب ولا يفوتوننا. ثم زاد سبحانه في تسلية النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ) قصصهم وأخبارهم (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) معناه : منهم من تلونا عليك ذكره ، ومنهم من لم نتل عليك ذكره (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ) أي معجزة ودلالة (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) وأمره والمعنى : إن الإتيان بالمعجزات ليس إلى الرسول ولكنّه إلى الله تعالى يأتي بها على وجه المصلحة (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) وهو القيامة (قُضِيَ بِالْحَقِ) بين المسلمين والكفار ، والأبرار والفجار (وَخَسِرَ هُنالِكَ) عند ذلك (الْمُبْطِلُونَ) لأنهم يخسرون الجنة ويحصلون في النار بدلا منها وذلك هو الخسران الجنة ويحصلون في النار بدلا منها وذلك هو الخسران المبين ؛ والمبطل : صاحب الباطل. ثم عدّد سبحانه نعمه على خلقه فقال (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ) من الإبل والبقر والغنم (لِتَرْكَبُوا مِنْها) أي لتنتفعوا بركوبها (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) يعني ان بعضها للركوب والأكل كالإبل والبقر ، وبعضها للأكل كالأغنام (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) يعني من جهة ألبانها وأصوافها وأوبارها وأشعارها (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) بأن تركبوها وتبلغوا المواضع التي تقصدونها بحوائجكم (وَعَلَيْها) أي وعلى الأنعام ، وهي الإبل هنا (وَعَلَى الْفُلْكِ) أي وعلى السفن (تُحْمَلُونَ) يعني على الإبل في البر ، وعلى الفلك في البحر تحملون في الأسفار. علم الله سبحانه أنا نحتاج إلى أن نسافر في البرّ والبحر ، فخلق لنا مركبا للبرّ ومركبا للبحر.
٨١ ـ ٨٥ ـ ثم قال سبحانه مخاطبا للكفار الذين جحدوا آيات الله وانكروا أدلته الدالة على توحيده (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) أي ويعلمكم حججه ، ويعرّفكم إياها ، ومنها : اهلاك الأمم الماضية. ووجه الآية فيه : انهم بعد حصولهم في النعم صاروا إلى النقم بكفرهم وجحودهم ، ومنها : الآية في خلق الأنعام التي قدّم ذكرها ، ووجه الآية فيها : تسخيرها لمنافع الخلق بالتصريف في الوجوه التي قد جعل كل شيء منها لما يصلح له ، وذلك يقتضي أن الجاعل لذلك قادر على تصريفه عالم بتدبيره (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) هذا توبيخ لهم على الجحد. وقد يكون الإنكار والجحد تارة بأن يجحد أصلا ، وتارة أن يجحد كونها دالة على صحّة ما هي دلالة عليه ، والخلاف يكون في ثلاثة أوجه ، إمّا في صحّتها في نفسها ، وإمّا في كونها دلالة ، وإمّا فيهما جميعا ، وإنما يجوز من الجهّال دفع الآية بالشبهة مع قوّة الآية وضعف الشبهة لأمور ، منها : اتباع الهوى ، ومنها : التقليد لمن ترك النظر في الأمور ، ومنها :