بلغوا ، وأن الأمم قد كذبوا ، وقيل : هم الحفظة من الملائكة ، ويدل عليه قوله : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) ، وقيل : هم جميع الشهداء من الجوارح والمكان والزمان (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي يفصل بينهم بمرّ الحق لا ينقص أحد منهم شيئا مما يستحقه من الثواب ، ولا يفعل به ما لا يستحقه من العقاب (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) أي يعطي كل نفس عاملة بالطاعات جزاء ما عملته على الوفاء والكمال دون النقصان (وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) أي والله سبحانه أعلم من كل أحد بما يفعلونه من طاعة أو معصية. ولم يأمر الملائكة بكتابة الأعمال لحاجة إلى ذلك ، بل ليعلموا أنه يجازيهم بحسب ما عملوا.
٧١ ـ ٧٥ ـ ثم أخبر سبحانه عن قسمة أحوال الخلائق في المحشر بعد فصل القضاء فقال (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي يساقون سوقا في عنف (إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) أي فوجا بعد فوج ، وزمرة بعد زمرة (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) أي حتى إذا انتهوا إلى جهنم فتحت أبواب جهنم عند مجيئهم إليها وهي سبعة أبواب (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) الموكلون بها على وجه التهجين لفعلهم ، والانكار عليهم (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) أي من أمثالكم من البشر (يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ) يقرؤون عليكم حجج ربكم وما يدلّكم على معرفته ، ووجوب عبادته (وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) أي ويخوّفونكم من مشاهدة هذا اليوم وعذابه (قالُوا) أي قال الكفار لهم (بَلى) قد جاءتنا رسل ربنا ، وخوّفونا بآيات الله (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) أي وجب العقاب على من كفر بالله تعالى (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) أي فيقول عند ذلك خزنة جهنم وهم الملائكة الموكلون ادخلوا أبواب جهنم مؤبّدين لا آخر لعقابكم (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) أي بئس موضع إقامة المتكبّرين عن الحق وقبوله جهنم (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) أي يساقون مكرمين زمرة بعد زمرة كقوله : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) ، وإنما ذكر السوق على وجه المقابلة لسوق الكافرين إلى جهنم (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) أي وقد فتحت أبوابها قبل مجيئهم ، وأبواب الجنة ثمانية ، وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ان في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخلها إلا الصائمون (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) عند استقبالهم (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أي سلامة من الله عليكم. يحيّونهم بالسلامة ليزدادوا بذلك سرورا وقيل : هو دعاء لهم بالسلامة والخلود ، أي سلمتم من الآفات (طِبْتُمْ) أي طبتم بالعمل الصالح في الدنيا ، وطابت أعمالكم الصالحة وزكت وقيل : إنهم طيبوا قبل دخول الجنة بالمغفرة ، واقتص لبعضهم من بعض فلما هذبوا وطيبوا قال لهم الخزنة طبتم عن قتادة وقيل : إنهم إذا قربوا من الجنة يردّون على عين من الماء فيغتسلون بها ويشربون منها ، فيطهر الله أجوافهم فلا يكون بعد ذلك منهم حدث وأذى ، ولا تتغيّر ألوانهم فتقول الملائكة (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) أي فادخلوا الجنة خالدين مخلدين مؤبّدين (وَقالُوا) أي ويقول أهل الجنة إذا دخلوها اعترافا بنعم الله تعالى عليهم (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) الذي وعدناه على ألسنة الرسل (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) أي أرض الجنة ؛ لما صارت الجنة عاقبة أمرهم عبّر عن ذلك بلفظ الميراث (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ) أي نتّخذ من الجنة مبوّأ ومأوى (حَيْثُ نَشاءُ) وهذا إشارة إلى كثرة قصورهم ومنازلهم ، وسعة نعمتهم (فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) أي فنعم ثواب المحسنين الجنة والنعيم فيها (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) معناه : ومن عجائب أمور الآخرة أنك ترى الملائكة محدقين بالعرش عن قتادة والسدي يطوفون حوله (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي