والأوثان ، لأن خصال الإيمان لا تتم إلا بترك الإشراك (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا) أي يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقة وقيل : أعمال البرّ كلها (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أي خائفة عن قتادة وقال الحسن : المؤمن جمع إحسانا وشفقة ، والمنافق جمع اساءة وأمنا ، وقال أبو عبد الله عليهالسلام معناه : خائفة أن لا يقبل منهم وفي رواية أخرى : يؤتي ما آتى وهو خائف راج وقيل : إن في الكلام حذفا واضمارا وتأويله : قلوبهم وجلة أن لا يقبل منهم لعلمهم (أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) أي لأنهم يوقنون بأنهم يرجعون إلى الله تعالى يخافون أن لا يقبل منهم ، وإنما يخافون ذلك لأنهم لا يأمنون التفريط (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) معناه : الذين جمعوا هذه الصفات وكملت فيهم ، هم الذين يبادرون إلى الطاعات ويسابقون إليها ، رغبة منهم فيها ، وعلما منهم بما ينالون بها من حسن الجزاء (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) أي وهم لأجل تلك الخيرات سابقون إلى الجنة وقيل معناه : وهم إليها سابقون ، قال الكلبي : سبقوا الأمم إلى الخيرات قال ابن عباس : يسابقون فيها أمثالهم من أهل البرّ والتقوى.
٦٢ ـ ٧١ ـ ثم بيّن سبحانه انه لا يكلف أحدا إلا دون الطاقة بعد أن أخبر عن حال الكافرين والمؤمنين فقال (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً) أي لا نكلفها أمرا ولا نأمرها (إِلَّا وُسْعَها) أي دون طاقتها (وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِ) معناه : وعند ملائكتنا المقربين كتاب ينطق بالحق ، أي يشهد لكم وعليكم بالحق ، كتبته الملائكة بأمرنا ، يريد صحائف الأعمال (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي يوفون جزاء أعمالهم فلا ينقص من ثوابهم ، ولا يزاد في عقابهم ، ولا يؤاخذون بذنب غيرهم (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا) بل ردّ لما سبق وابتداء الكلام والمعنى : ان قلوب الكفار في غفلة شديدة من هذا الكتاب المشتمل على الوعد والوعيد وهو القرآن (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) أي ولهم أعمال ردية سوى هذا الجهل يعملون تلك الأعمال فيستحقون بها وبالكفر العقوبة من الله تعالى (حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ) أي يكون هذا دأبهم حتى إذا أخذنا متنعميهم ورؤساءهم بعذاب الآخرة (إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) أي يضجّون لشدة العذاب ويجزعون (لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ) أي يقال لهم : لا تتضرعوا اليوم (إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ) هذا اياس لهم من دفع العذاب عنهم (قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) أي تقرأ (فَكُنْتُمْ) أيها الكافرون المعذّبون (عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ) أي تدبرن وتستأخرون وترجعون القهقرى مكذبين (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ) أي متكبرين على سائر الناس بالحرم أو بالبلد يعني مكة أن لا يظهر عليكم فيه أحد (سامِراً) أي تسمرون بالليل أي تتحدثون في معائب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (تَهْجُرُونَ) الحق بالاعراض عنه ، وتهجرون : أي تفحشون في المنطق. ثم قال سبحانه (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) أي ألم يتدبروا القرآن فيعرفوا ما فيه من العبر والدلالات على صدق نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم (أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) قال ابن عباس : يريد أليس قد أرسلنا نوحا وإبراهيم والنبيين إلى قومهم ، وكذلك أرسلنا محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) قال ابن عباس : أليس هو محمدا الذي قد عرفوه صغيرا وكبيرا صادق اللسان ، أمينا وافيا بالعهد ، وفي هذا توبيخ لهم بالاعراض عنه بعدما عرفوا صدقه وأمانته مع شرف نسبه قبل الدعوة (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) وإنما نسبوه إلى الجنون لينفروا الناس عنه