إلا الحياة التي نحن فيها ، القريبة منا (نَمُوتُ وَنَحْيا) أي يموت قوم منا ، ويحيا قوم ولا نبعث وقيل : يموت الآباء ويحيا الأبناء عن الكلبي وقيل : يموت قوم ويولد قوم (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) بعد ذلك (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) أي اختلق كذبا (وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) أي بمصدقين فيما يقول (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ) تقدّم بيانه (قالَ) أي قال الله سبحانه (عَمَّا قَلِيلٍ) أي عن قليل من الزمان والوقت ، يعني عند الموت أو عند نزول العذاب وما ها هنا مزيدة (لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) هذا وعيد لهم واللام للقسم.
٤١ ـ ٥٠ ـ لمّا قال سبحانه ان هؤلاء الكفار يصبحون نادمين على ما فعلوه ، عقّبه بالإخبار عن اهلاكهم فقال : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) صاح بهم جبرائيل صيحة واحدة ماتوا عن آخرهم (بِالْحَقِ) أي باستحقاقهم العقاب بكفرهم (فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) وهو ما جاء به السيل من نبات قد يبس ، وكل ما يحمله السيل على رأس الماء من قصب وعيدان شجرة فهو غثاء والمعنى : فجعلناهم هلكى قد يبسوا كما يبس الغثاء وهمدوا (فَبُعْداً) أي ألزم الله بعدا من الرحمة (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) المشركين المكذّبين (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) أي من بعد هؤلاء (قُرُوناً آخَرِينَ) أي أمما وأهل أعصار آخرين (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) هذا وعيد للمشركين معناه : ما تموت أمة قبل أجلها المضروب لها ولا تتأخر عنه وقيل : عنى بالعذاب الموعود لهم على التكذيب أنه لا يتقدّم على الوقت المضروب لهم لذلك ولا يتأخر عنه ، والأجل : هو الوقت المضروب لحدوث أمر من الأمور ، والأجل المحتوم لا يتأخر ولا يتقدم ، والأجل المشروط بحسب الشرط والمراد بالأجل المذكور في الآية الأجل المحتوم (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) أي متواترة يتبع بعضهم بعضا عن ابن عباس ومجاهد وقيل : متقاربة الأوقات ، وأصله الاتصال لاتصاله بمكانه من القوس ، ومنه الوتر وهو الفرد عن الجمع المتصل قال الأصمعي : يقال واترت الخبر : اتبعت بعضه بعضا وبين الخبرين هنيهة (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ) ولم يقرّوا بنبوته (فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً) يعني في الإهلاك ، أي أهلكنا بعضهم في أثر بعض (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) أي يتحدث بهم على طريق المثل في الشر والمعنى : إنا صيّرناهم بحيث لم يبق بين الناس منهم إلّا حديثهم (فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) ظاهر المعنى (ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا) أي بدلائلنا الواضحة (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي وبرهان ظاهر بيّن (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) خصّ الملأ وهم الأشراف بالذكر لأن الآخرين كانوا أتباعا لهم (فَاسْتَكْبَرُوا) أي تجبّروا وتعظّموا عن قبول الحق (وَكانُوا قَوْماً عالِينَ) أي متكبرين قاهرين قهروا أهل أرضهم واتخذوهم خولا (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا) أي أنصدّق لإنسانين خلقهم مثل خلقنا (وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) أي مطيعون طاعة العبد لمولاه. قال الحسن : كان بنو إسرائيل يعبدون فرعون (فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ) أي فكذّبوا موسى وهارون فكان عاقبة تكذيبهم أن أهلكهم الله وغرقهم (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) أي التوراة (لَعَلَّهُمْ
__________________
عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى على سعد بن معاذ فقال : لقد وافى من الملائكة سبعون ألفا وفيهم جبرائيل عليهالسلام يصلّون عليه ، فقلت له : يا جبرائيل بما يستحق صلاتكم عليه؟.
فقال : بقراءته قل هو الله أحد قائما وقاعدا ، وراكبا وماشيا ، وذاهبا وجائيا. أصول الكافي : ٢ / ٦٢٢.