ولد ، لقبح ذلك وفحش ، فكيف يقدر في الكلام ما لو أظهرناه لكان غير مستقيم؟.
وأجمع أهل العربية على أنّ الوقف التامّ عند قوله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) ولو كان المراد ما توهّموه من أنّ لها النصف مع الأبوين ، لما كان ذلك وقفا تاما.
ولا خلاف بين أحد من أهل العلم والمفسّرين وأصحاب الأحكام في أنّ قوله تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ) كلام مبتدأ مستأنف لا تعلّق له بما قبله.
فأمّا اعتذارهم عند سماع هذا الكلام ، بأن اشتراط الولد إنّما حسن ليدخل فيه الذكور ما زاد على البنتين ؛ لأنّه لم يمض إلّا ذكر البنت الواحدة والبنتين ، فعجيب ؛ لأنّه لو أراد ما ذكروا لقال تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ـ مع الابوين ـ (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) ـ معها ـ (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً) ـ معها ـ (فَلَهَا النِّصْفُ).
فلو أراد هذا المعنى على الترتيب الذي رتّبوه ، وعني بقوله ان ذلك لهما مع البنت أو البنتين وما زاد عليهما ، وأراد أن يبيّن أنّ السدس للأبوين مع الأولاد ، لكان لا يحسن أن يقول : (إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) بل يقول : وإن كان له أيضا ذكور ؛ لأنّه قد تقدّم ذكر البنت الواحدة وما زاد عليها ، فلا معنى لاشتراط الولد ، وانفراد قوله : (وَلِأَبَوَيْهِ) عن الجملة المتقدّمة ، ولا يذهب على متأمّل.
وانّما فرّق بهذا التقدير الذي لا يحصل عن نقصان البنت في مسألة العول عن النصف ، وادّعوا أنّ النصف حصل لها مع الابوين لا في كل موضع.
وأحسن من ركونهم هذه المعضلة أن يقولوا : إنّ الله تعالى جعل لها النصف بظاهر الكلام في كلّ موضع ، وفي مسألة العول قام دليل على أنّ لها دون ذلك ، فعلمنا أنّ الله تعالى لم يجعل لها النصف في هذا الموضع خاصة ، وإن كان لها في سائر المواضع. وانّما أحسن أن نخصّ بدليل بعض المواضع ، أو يحصل ما هو مطلق من القول مشروطا بغير دليل ولا حجّة ، على وجه يسمح به الكلام ويذهب به رونقه فتزول فصاحته.