بالاستخلاف على المدينة وأوجب استمراره وبين الكلام على الخبر الذي نحن في تأويله ، فقد بيّنا أنه لا تعلّق لأحد الأمرين بالآخر فما الذي أردت بقولك : «لو اقتضى الاستخلاف كان إماما بعده لكان له أن يقيم الحدود وغيرها في حياته» فإن كنت تريد أن الاستخلاف على المدينة كان يقتضي ما ذكرته ، فقد علمت أنّ كلامنا الآن معك على غيره ؛ لأنّا في تأويل قوله عليهالسلام : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» وبيان موضع النصّ فيه ، وإن أردت أن الخبر لو اقتضى الإمامة بعد الوفاة لوجب ما ادّعيته ، فمن أين توهمت ذلك؟ وقد كان يجب أن تبيّن الوجه فيما ظننته ، أو ليس قد بينّا أن منزلة الإمامة تثبت لأمير المؤمنين عليهالسلام بالخبر بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على سبيل التجدّد لا الاستمرار! وقلنا : إنّ هارون عليهالسلام وإن كان مفترض الطاعة في حياة موسى لأجل نبوّته ولاستخلاف أخيه له وثبتت له الخلافة من بعد لو بقي بعد ثبوتها فيما مضى وعلى سبيل الاستمرار فليس يجب مثل ذلك في أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأكثر ما في الباب أن تكون الخلافة في أحوال الحياة على سبيل الاستمرار منزلة من منازل هارون منع من إثباتها لأمير المؤمنين عليهالسلام دليل كما منع من غيرها ، وقد قلنا : أيضا أنّ من ذهب من أصحابنا إلى استمرار خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام في حال حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يسقط عنه هذا الكلام جملة ؛ لأنه يذهب إلى أنّ إقامة الحدود وما جرى مجراها ممّا كان له عليهالسلام أن يقوم به في تلك الحال على سبيل الخلافة للرسول ، فليس قول صاحب الكتاب : «ونحن نعلم أن ذلك لم يكن إليه» بحجّة على من قال به ممن ذكرناه ؛ لأنّه لم يبيّن من أين علم ما ادّعاه فليس قوله : «لو كان عليهالسلام في تلك الأحوال القائم بالحدود وتنفيذ الأحكام لوجب أن ينفذ توليته لها وفعله فيها ، وان يظهر ظهورا يشترك سامعوا الأخبار في علمه ؛ لأنه غير ممتنع أن يكون عليهالسلام إليه القيام بهذه الأمور ويمسك عن توليها في تلك الحال لبعض الأغراض والأسباب المانعة ، وليس معنى قولنا : أن فلانا إليه كذا وكذا ، أنه لا بدّ من أن يقوم بذلك الأمر ويتولّى التصرّف فيه ، وإنّما معناه أن التصرّف متى وقع منه كان مستحقّا حسنا ، ولهذا نجد بعض الأئمّة