كنت أولى به من نفس فليفعل كذا وكذا ، مما لا يرجع إلى المقدّمة لحسن وجاز ، فألا التزمتم مثل ذلك في تأويلكم! لأنا نعلم أنه عليهالسلام لو صرّح بخلاف ما ذكرتموه حتى يقول : «فمن ألزمته موالاتي على الباطن والظاهر فليوال عليا في حياتي أو ما دام متمسّكا بما هو عليه» لجاز وحسن ، وإذا كان جائزا حسنا بطل أن يكون الخبر مقتضيا لمماثلة ما أوجبه من الموالاة فيما وجب له منها.
فإن قيل : كيف يصحّ أن تجمعوا بين الطعن على ما ادّعيناه من إيجاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الخبر من الموالاة مثل ما وجب له ، وبين القطع على أن لفظة «مولى» يجب مطابقتها لما قدّره الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لنفسه في المقدّمة من وجوب الطاعة وعمومها في سائر الأمور ، وجميع الخلق والطريق إلى تصحيح أحد الأمرين طريق إلى تصحيح الآخر؟
قلنا : إنا لم نوجب مطابقة لفظ «مولى» لمعنى المقدّمة في الوجوه المذكورة من حيث يجب أن يكون ما أوجبه عليه مطابقا لما أوجبه له على ما ظنّه مخالفونا ، وتعلّقوا به في تأويل الخبر على الموالاة باطنا وظاهرا ، وإنّما أوجبنا ذلك من حيث صرّح النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في المقدّمة بتقريرهم بما يجب له من فرض الطاعة بلا خلاف ، ثم عطف على الكلام بلفظ محتمل له يجري مجرى المثال الذي أوردناه في الشركة ، وان من قدم ذكر شركة مخصوصة وعطف عليها محتملا لها كان ظاهر الكلام يفيد المعنى الأول ، وجرى ما يأوله مخالفونا مجرى أن يقول القائل من غير تقدّم مقدّمة تتضمن ذكر شركة مخصوصة : من كنت شريكه ففلان شريكه ، فكما أن ظاهر هذا القول لا يفيد إيجابه شركة فلان في كلّ ما كان شريكا فيه لغيره وعلى وجهه ، ولم يمتنع أن يريد إيجاب شركته في بعض الشرك الذي بينه وبين غيره وعلى بعض الوجوه ، ولم يجر هذا القول عند أحد من أهل اللسان في وجوب حمل المعنى الثاني على الأوّل مجرى أن يقول : فمن كنت شريكه ففلان شريكه بعد وقوله فلان وفلان حتى يذكر جميع شركائه ـ شركائي ـ في كذا وكذا وعلى وجه كذا فيذكر متاعا مخصوصا ، وشركة مخصوصة ، ولا يجري قوله : من كنت شريكه في كذا على وجه كذا