مذهبا ، ففعله عليهالسلام له واعتقاده إيّاه هو الحجّة فيه ، وأكبر البرهان على صحّته ، لقيام الأدلّة على أنه عليهالسلام لا يزل ولا يغلط [ولا يحتاج] إلى بيان وجوه زائدة على ما ذكرناه إلّا على سبيل الاستظهار والتقرير على الخصوم ، وتسهيل طريق الحجّة عليهم (١).
فأمّا قطع السارق من الأصابع فهو الحقّ الواضح الجلي ؛ لأن الله تعالى قال : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) واسم اليد يقع على جملة هذا العضو إلى المنكب.
ويقع عليه أيضا إلى المرافق وإلى الزند وإلى الأصابع كلّ ذلك على سبيل الحقيقة. ولهذا يقول أحدهم أدخلت يدي في الماء إلى أصول الأصابع وإلى الزند وإلى المرفق وإلى المنكب ، فيجعل كلّ ذلك غاية.
وقال الله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) (٢) ومعلوم أن الكتابة تكون بالأصابع ، ولو يرى أحدنا قلما فعقرت السكين أصابعه لقيل قطع يده وعقرها ونحو ذلك.
وقال الله تعالى في قصّة يوسف عليهالسلام (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) (٣) ومعلوم أنهن ما قطعن اكفهن إلى الزند ، بل على ما ذكرناه.
وإذا كان الأمر على ما ذكرناه ولم يجز ان يحمل اليد على كل ما تناولته هذه اللفظة حتّى يقطع من الكتف على مذهب الخوارج (٤) ؛ لأن هذا باطل عند جميع الفقهاء ، وجب أن نحمله على أدنى ما تناوله ، وهو من أصول الأشاجع ، والقطع من الأصابع أولى بالحكمة وأرفق بالمقطوع ، لأنه إذا قطع من الزند فاته من المنافع أكثر ممّا يفوته إذا قطع من الأشاجع.
وقد روي أن عليّ بن أصمع سرق عيبة لصفوان ، فأتى به إلى أمير
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ٢١٢ ، وسنذكر الأمور الأخر الّتي عاب بها النظام ذيل الآيات المرتبطة بها.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٧٩.
(٣) سورة يوسف ، الآية : ٣١.
(٤) المحلى ، ١١ : ٣٥٧.