فلما أسند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الشعب ، أدركه أبى بن خلف وهو يقول : أى محمد ، لا نجوت إن نجوت ، فقال القوم : يا رسول الله ، أيعطف عليه رجل منا؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : دعوه ، فلما دنا ، تناول رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحربة من الحارث بن الصمة ، فلما أخذها رسول الله صلىاللهعليهوسلم منه ، انتفض بها انتفاضة ، تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذ انتفض بها ـ والشعراء : ذباب له لدغ ـ ثم استقبله فطعنه فى عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا.
* * *
وكان أبىّ بن خلف ، يلقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة ، فيقول : يا محمد ، إن عندى العوذ ، فرسا أعلفه كل يوم فرقا (١) من ذرة ، أقتلك عليه ، فيقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بل أنا أقتلك إن شاء الله. فلما رجع إلى قريش وقد خدشه فى عنقه خدشا غير كبير ، فاحتقن الدم ، قال : قتلنى والله محمد! قالوا له : ذهب والله فؤادك ، والله إن بك من بأس ، قال : إنه قد كان قال لى بمكة : أنا أقتلك ، فو الله لو بصق علىّ لقتلنى. فمات عدو الله بسرف (٢) ، وهم قافلون به إلى مكه.
فلما انتهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى فم بالشعب ، خرج على بن أبى طالب حتى ملأ درقته ماء من المهراس ، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه
__________________
(١) مكيالا يسع اثنى عشر رطلا.
(٢) موضع على ستة أميال من مكة.