الشرف ، أطعموا وأطعمنا ، وأعطوا وأعطينا ، حتى إذا كنا كفرسى رهان قالوا : منا نبى يأتيه الوحى من السماء ، فمتى ندرك مثل هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه.
فقام عنه الأخنس وتركه.
* * *
٣٥ ـ عدوان قريش على المستضعفين من المسلمين
ثم إن قريشا عدوا على من أسلم يعذبون من استضعفوا منهم ، فيفتنونهم عن دينهم ، فمنهم من يفتن من شدة البلاء الذى يصيبه ، ومنهم من يصلب لهم ويعصمه الله.
وكان بلال ، لبعض بنى جمح ، مولى من مواليهم ، وكان صادق الإسلام ، طاهر القلب ، وكان أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح يخرجه إذا حميت الظهيرة ، فيطرحه على ظهره فى بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول له : لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى. فيقول بلال وهو فى ذلك البلاء : أحد ، أحد.
حتى مر به أبو بكر الصديق رضى الله عنه يوما ، وهم يصنعون ذلك به وكانت دار أبى بكر فى بنى جمح ، فقال لأمية بن خلف : ألا تتقى الله فى هذا المسكين! حتى متى؟ قال : أنت الذى أفسدته فأنقذه مما ترى. فقال أبو بكر : أفعل ، عندى غلام أسود أقوى منه. على دينك ، أعطيكه به. قال : قد قبلت فقال : هو لك. فأعطاه أبو بكر عنه غلامه ذلك ، وأخذه فأعتقه.
ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر إلى المدينة ست رقاب ، بلال سابعهم. فقال أبوه أبو قحافة : يا بنى ، إنى أراك تعتق رقابا ضعافا ، فلو أنك إذا فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون دونك! فقال أبو بكر : يا أبت ، إنما أريد ما أريد لله.
* * *