١ ـ الجزيرة العربية قبل مبعث الرسول صلىاللهعليهوسلم
كان إلى الغرب والشمال من الجزيرة العربية المملكة البيزنطية «الروم» ، وفى يديها مصر والشام ، وإلى الشرق والجنوب منها مملكة الفرس وفى يديها العراق واليمن ، وكلتا المملكتين كانت طامعة فى السيطرة على الجزيرة العربية ، وكانت بينهما بسبب ذلك حروب طاحنة امتدت حقبة طويلة.
ولقد أظل الإسلام الجزيرة والحرب قائمة ، لم تخمد نارها إلا مع العام الثامن والثلاثين بعد الستمائة. وحين أخفق الروم فى بسط نفوذهم على الجزيرة حربا أخذوا ينفذون إليها سلما ، فمدوا أيديهم إلى الغساسنة فى شمالى الجزيرة يجعلون منهم أعوانهم على هذا الغزو السامى ، وكما فعل الرومان فعل الفرس ، فإذا هم الآخرون يمدون أيديهم إلى المناذرة ، ملوك الحيرة فى الشرق ، يجعلون منهم أعوانهم على الوقوف أمام الغزو الرومانى.
وإذ كان الروم نصارى لقن الغساسنة طرفا من النصرانية ، وإذ كان الفرس مجوسا أخذ المناذرة بطرف من المجوسية ، وإذا النصرانية تعرف طريقها إلى الجزيرة العربية عن طريق الشام ، كما التمست المجوسية طريقها إلى الجزيرة العربية عن طريق الحيرة ، وإذ الحرب التى كان يلتقى فيها السيف بالسيف ، تصبح وقد التقى فيها الرأى بالرأى ، يقف المجوس ، ومن ورائهم اليهود والنصارى ، ويقف النصارى للمجوس واليهود ، والجزيرة العربية تشهد هذا الصراع فى الرأى فتشارك فيه ، موزعة بين المجوسية واليهودية والنصرانية ، ويزيد البيئة العربية توزعا توزع اليهود إلى ربانيين وقراءين وسامريين ، وتوزع النصارى إلى يعاقبة ونساطرة وأريوسيين ، هذا إلى توزع الجزيرة العربية توزعا آخر بين عبادة الكواكب وعبادة الأصنام ، وإذ العرب أوزاع