٨٠ ـ حديث الحديبية
ثم أقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة شهر رمضان وشوالا ، وخرج فى ذى القعدة معتمرا ، لا يريد حربا.
واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثى ، واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادى من الأعراب ، ليخرجوا معه ، وهو يخشى من قريش الذى صنعوا ، أن يعرضوا له بحرب ، أو يصدوه عن البيت ، فأبطأ عليه كثير من الأعراب ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب ، وساق معه الهدى وأحرم بالعمرة ، ليأمن الناس من حربه ، وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت ، معظما له.
وساق معه الهدى سبعين بدنة ، وكان الناس أربعمائة رجل ، فكانت كل بدنة عن عشرة نفر ، حتى إذا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعسفان (١) لقيه بشر بن سفيان الكعبى ، فقال : يا رسول الله ، هذه قريش ، قد سمعت بمسيرك ، فخرجوا معهم العوذ المطافيل (٢) ، قد لبسوا جلود النمور ، وقد نزلوا بذى طوى (٣) ، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا ، وهذا خالد بن الوليد فى خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم (٤). فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا ويح قريش! لقد أكلتهم الحرب ، ما ذا عليهم لو خلوا بينى وبين سائر العرب ، فإن هم أصابونى كان الذى أرادوا ، وإن أظهرنى الله عليهم دخلوا فى الإسلام وافرين ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة ، فما تظن قريش ،
__________________
(١) عسفان : بين الجحفة ومكة.
(٢) العوذ المطافيل : النساء والصبيان.
(٣) ذو طوى : موضع قرب مكة.
(٤) كراع الغميم : موضع بين مكة والمدينة.