فلما قدم عمير مكة ، أقام بها يدعو إلى الإسلام ، ويؤذى من خالفه أذى شديدا ، فأسلم على يديه ناس كثير.
وأسر من المشركين من قريش يوم بدر ثلاثة وأربعون رجلا.
* * *
٦٢ ـ غزوة السويق
ثم غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق فى ذى الحجة ، وكان أبو سفيان حين رجع إلى مكة ، ورجع فل (١) قريش من بدر ، نذر ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فخرج فى مائتى راكب من قريش ، ليبر يمينه ، فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له : ثيب ، من المدينة على بريد أو نحوه ، ثم خرج من الليل ، حتى أتى بنى النضير تحت الليل ، فأتى حيى بن أخطب ، فضرب عليه بابه ، فأبى أن يفتح له بابه وخافه ، فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم ، وكان سيد بنى النضير فى زمانه ذلك ، وصاحب كنزهم ، فاستأذن عليه ، فأذن له ، فقراه وسقاه ، وأعلمه من خبر الناس. ثم خرج فى عقب ليلته حتى أتى أصحابه ، فبعث رجالا من قريش إلى المدينة ، فأتوا ناحية منها ، يقال لها : العريض ، فحرقوا فى أصوار ـ جماعة من نخل بها ـ ووجدوا بها رجلا من الأنصار وحليفا له فى حرث لهما ، فقتلوهما ، ثم انصرفوا راجعين ، ونذر بهم الناس. فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى طلبهم ، واستعمل على المدينة بشير بن عبد المنذر ، وهو أبو لبابة ، حتى بلغ قرقرة الكدر ، ثم انصرف راجعا ، قد فاته أبو سفيان ـ وأصحابه ، وقد رأوا أزوادا من أزواد القوم قد طرحوها فى الحرث ، يتخففون منها للنجاة. فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله ، أتطمع أن تكون لنا غزوة؟ قال : نعم.
__________________
(١) الفل : القوم المنهزمون.