فذكر أصحاب القليب ومصابهم ، فقال صفوان : والله ليس فى العيش بعدهم خير ، قال له عمير : صدقت والله ، أما والله لو لا دين علىّ ليس له عندى قضاء ، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدى ، لركبت إلى محمد حتى أقتله ، فإن لى قبلهم علة : ابني أسير فى أيديهم. فاغتنمها صفوان ، وقال : علىّ دينك ، أنا أقضيه عنك ، وعيالك مع عيالى أواسيهم ما بقوا ، لا يسعنى شىء ويعجز عنهم. فقال له عمير : فاكتم شأنى وشأنك. قال : أفعل.
ثم أمر عمير بسيفه ، فشحذ له ، وسم ، ثم انطلق حتى قدم المدينة ، فبينما عمر بن الخطاب فى نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر ، ويذكرون ما أكرمهم الله به ، وما أراهم من عدوهم ، إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب ، حين أناخ على باب المسجد متوشحا السيف ، فقال : هذا الكلب عدو الله عمير ابن وهب ، والله ما جاء إلا لشر ، وهو الذى حرش بيننا ، وحزرنا (١) للقوم يوم بدر.
* * *
ثم دخل عمر على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا نبى الله ، هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه ، قال : فأدخله علىّ فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه فى عنقه فلببه بها ، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار : ادخلوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاجلسوا عنده ، واحذروا عليه من هذا الخبيث ، فإنه غير مأمون ، ثم دخل به على رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو آخذ بحمالة سيفه فى عنقه ، قال : أرسله يا عمر ، ادن يا عمير ، فدنا ثم قال : أنعموا صباحا ، وكانت تحية أهل
__________________
(١) حزرنا : قدر عددنا تخمينا.