الجاهلية بينهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير ، بالسلام تحية أهل الجنة. فقال : أما والله يا محمد ، إن كنت بها لحديث عهد. قال : فما جاء بك يا عمير؟ قال : جئت لهذا الأسير الذى فى أيديكم ، فأحسنوا فيه ، قال : فما بال السيف فى عنقك؟ قال : قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت عنا شيئا؟ قال : أصدقنى ، ما الذى جئت له؟ قال : ما جئت إلا لذلك ، قال : بل قعدت أنت وصفوان بن أمية فى الحجر ، فذكرتما أصحاب القليب من قريش ، ثم قلت : لو لا دين علىّ وعيال عندى ، لخرجت حتى أقتل محمدا ، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك ، على أن تقتلنى له ، والله حائل بينى وبين ذلك ، قال عمير : أشهد أنك رسول الله ، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء ، وما ينزل عليك من الوحى ، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان ، فو الله إنى لأعلم ما أتاك به إلا الله ، فالحمد لله الذى هدانى للإسلام وساقنى هذا المساق ، ثم شهد شهادة الحق. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فقهوا أخاكم فى دينه ، وأقرئوه القرآن ، وأطلقوا له أسيره ، ففعلوا.
ثم قال يا رسول الله ، إنى كنت جاهدا على إطفاء نور الله ، شديد الأذى لمن كان على دين الله عزوجل ، وأنا أحب أن تأذن لى ، فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله تعالى ، وإلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإلى الإسلام لعل الله يهديهم ، وإلا آذيتهم فى دينهم ، كما كنت أوذى أصحابك فى دينهم. فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلحق بمكة. وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير بن وهب ، يقول : أبشروا بوقعة تأتيكم الآن فى أيام تنسيكم وقعة بدر. وكان صفوان يسأل عن الركبان ، حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه ، فحلف ألا يكلمه أبدا ، ولا ينفعه بنفع أبدا.