ولما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالقتلى أن يطرحوا فى القليب ، طرحوا فيه ، إلا ما كان من أمية بن خلف ، فإنه انتفخ فى درعه فملأها ، فذهبوا ليحركوه ، فتزايل لحمه ، فأقروه ، وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة ، فلما ألقاهم فى القليب وقف عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا أهل القليب ، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقّا ، فإنى قد وجدت ما وعدنى ربى حقّا. فقال له أصحابه : يا رسول الله ، أتكلم قوما موتى؟ فقال لهم : لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حقّا.
ولما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يلقوا فى القليب ، أخذ عنبة ابن ربيعة ، فسحب إلى القليب ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى وجه أبى حذيفة بن عتبة ، فإذا هو كئيب قد تغير لونه ، فقال : يا أبا حذيفة ، لعلك قد دخلك من شأن أبيك شىء؟ ـ أو كما قال صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : لا والله يا رسول الله ، ما شككت فى أبى ولا فى مصرعه ، ولكننى كنت أعرف من أبى رأيا وحلما وفضلا فكنت أرجوا أن يهديه ذلك إلى الإسلام ، فلما رأيت ما أصابه ، وذكرت ما مات عليه من الكفر ، بعد الذى كنت أرجو له ، أحزننى ذلك ، فدعا له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخير ، وقال له خيرا.
* * *
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمر بما فى العسكر ، مما جمع الناس ، فجمع ، فاختلف المسلمون فيه ، فقال من جمعه : هو لنا ، وقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه : والله لو لا نحن ما أصبتموه ، لنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم ، وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، مخافة أن يخالف إليه العدو : والله ما أنتم بأحق به منا ، والله لقد رأينا أن