قال معاذ بن عمرو بن الجموح : سمعت القوم ، وأبو جهل فى مثل الحرجة ، وهم يقولون : أبو الحكم لا يخلص إليه. قال : فلما سمعتها جعلته من شأنى ، فصمدت نحوه ، فلما أمكنى حملت عليه ، فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه ، فو الله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها. قال : وضربنى ابنه عكرمة على عاتقى ، فطرح يدى ، فتعلقت بجلدة من جنسى ، وأجهضنى القتال عنه ، فلقد قاتلت عامة بومى ، وإنى لأسحبها خلفى ، فلما آذننى وضعت عليها قدمى ، ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها.
ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمان عثمان.
* * *
ثم مر بأبى جهل ، وهو عقير ، معوذ بن عفراء ، فضربه حتى أثبته ، فتركه وبه رمق ، وقاتل معوذ حتى قتل ، فمر عبد الله بن مسعود بأبى جهل ، حين أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يلتمس فى القتلى ، وقد قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : انظروا ، إن خفى عليكم فى القتلى إلى أثر جرح فى ركبته ، فإنى ازدحمت يوما أنا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان ، ونحن غلامان ، وكنت أشف منه بيسير ، فدفعته ، فوقع على ركبته ، فجحش فى إحداهما جحشا لم يزل أثره به. قال عبد الله بن مسعود : فوجدته بآخر رمق ، فعرفته ، فوضعت ، رجلى على عنقه ـ قال : وقد كان ضيث بن مرة بمكة. فآذانى ولكزنى ، ثم قلت له : هل أخزاك الله يا عدو الله؟ قال : وبما ذا أخزانى؟ أعمد من رجل (١) قتلتموه! أخبرنى لمن الدائرة اليوم؟ قلت : لله ولرسوله.
ثم احتززت رأسه ، ثم جئت به رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فقلت يا رسول الله ، هذا رأيي عدو الله أبى جهل. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
__________________
(١) أى هل فوق رجلى قتله قومه؟