الناس عموما ، فلا بد للناس أن يتبعوك امتثالا لأمر الله ، واستجابة لدعوته ، لأن السير على خلاف ذلك قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الذين آثروا الحياة الدنيا وزينتها على الدار الآخرة ونعيمها ، فلم يبق لهم شيء من الدنيا ، وجاءهم العذاب من حيث لا يحتسبون ، (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) ربّهم ، وعملوا لما عند الله ، وأقبلوا على الآخرة فحصلوا على رضوان الله في جنته ، وذلك هو الفوز العظيم الذي يتنافس فيه المتنافسون ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) وتميزون بين ما تفنى لذته وتبقى تبعته ، وبين ما ذهب أثره ، ويبقى ثوابه ، فإن الذين يحكّمون عقولهم هم الذين يختارون الآخرة على الدنيا ، والباقي على الفاني.
* * *
وجاء النصر
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) واستنفدوا كل التجارب ، واستعملوا كل الأساليب ، وواجهوا الناس من كل جانب ، وعلى أكثر من صعيد ، ولم يستجب لهم أحد ، بل قابلهم الناس من حولهم ، بالجحود والنكران ، ولاحظوا كل ما يحيط بهم من أجواء مظلمة ، وأوضاع صعبة ، (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) في ما شاهدوه من الدلائل والظواهر حتى وصل الأمر بهم إلى مستوى اليقين ، ووقفوا بين يدي الله ، يشكون إليه أمرهم ، وينتظرون أمره ، ويأملون نصره ، (جاءَهُمْ نَصْرُنا) فنعذب من نشاء ممن حقّت عليه كلمة العذاب ، ونثيب من استحق الغفران (فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ) من عبادنا ورسلنا الصالحين ، (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) بل ينالهم العذاب من كل جانب ومكان.
* * *