صعوبات ومهما واجهت من تحديات ، لأنك لن تفقد شيئا في هذا السبيل ، لأن الذين يخافون من ضغوطات المجتمع عليهم ، أو انحساره عنهم ، هم الذين يتقدمون منه ، ليأخذوا أجرا على جهدهم ، من مال وجاه وشهرة ، أو موقع قوة يمكنهم من تحقيق بعض الأغراض الذاتية ، ولهذا فإنهم يخشون على كل هذه الامتيازات المطلوبة ، من الضياع.
أمّا الرسل والدعاة فهم لا يريدون أجرا على جهدهم إلا من الله ، لأنهم يتحركون من مواقع الرسالة ، لذا فهم لا يجدون ما يفقدونه ، أو يخسرونه من أموال الناس وامتيازاتهم ، لأن القرآن ، في فكره وشريعته ومنهجه ، ليس سلعة للتجارة ، (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) في ما يريد الله أن يذكر الناس به مما يرفع مستواهم في الحياة ، ليعرفوا أن الدنيا ليست فرصة للهو والعبث ، بل هي فرصة لإقامة الحق والعدل ، والطاعة لله ، والعبودية له في جميع ذلك ؛ حتى اللهو أو العبث عند ما يسمح الله به ، فإنه لا بد أن يكون بالطريقة التي تجدد نشاط الإنسان ، وتغذي حيويته ، ولا تبعد روحه ، ووعيه للحياة عن الله ، ليدرك بعد ذلك ، أن الآخرة شيء لا يتنكر لحاجات الدنيا الواقعية التي تحفظ للإنسان حياته وتحقق له وجوده.
* * *
الإعراض عن التذكر إغلاق لباب الهدى
إنها الذكرى التي تفتح الروح والفكر والقلب والحياة على الله ، حتى ليحسّ الإنسان بأنه يلتقي بالله في كل وجه من وجوه الحياة ، وفي كل مظهر من مظاهر حركة الإنسان في الكون ، ولكن الناس لا يتذكرون ، بل يعيشون الغفلة التي يختارونها دون أن يفرضها عليهم أحد ، لأنهم يمرون بلا مبالاة ، أمام عوامل الوعي ، والانفتاح والتذكر.