الحزن الإنساني لا يسيء إلى الإيمان
وقد نستفيد من شخصية يعقوب ـ النبيّ ـ كيف يمكن للإنسان أن يتوازن في مشاعره الذاتية ، فيعطي للحزن بعده الإنساني ، دون أن يسيء إلى إيمانه وصبره ، لأن الصبر لا يتنافى مع انسياب العاطفة ، دموعا تنهار وحزنا يعتمل في القلب ، بل هو فعل تماسك في وعي الموقف ، وضبط الحركة ، واتزان الكلمة ، بحيث لا يسيء الإنسان معه إلى المبادئ التي يحملها.
* * *
الروح المطمئنة لا تيأس أمام الكوارث
ونلاحظ في الجانب الآخر من الشخصية النبوية هذا الامتداد الروحي في آفاق الذات وفي أجواء الغيب ، فلا ييأس أمام الكوارث ، ولا يسقط أمام التحديات ، بل يستمد من إيمانه بالله القوّة على استثارة الأمل الكبير من قلب الغيب ، انطلاقا من الثقة بالرحمة الإلهية التي توحي للإنسان في كل وقت بانتظار الفرج ، في حركة المستقبل ... وبذلك تبقى له قوّته ، ويتجدّد فيه عزمه على الاقتحام ، وترتكز حياته على أساس ثابت.
وفي هذا وذاك ، نجد في شخصية يعقوب الأبوية ، والنبويّة ، المزيد من اللمعات الروحية واللمسات العاطفية ، والابتهالات في خشوع القلب ، وخضوع الروح أمام الله بحيث يواجه هذا الشيخ الجليل ، كل مشاكل الحياة ، بروح مطمئنة هادئة ، وبإحساس يعمّقه الامتداد الروحي في رحاب الله.
* * *