والمرض في القلوب : هو سوء النية في القرآن والرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهؤلاء هم الذين لم يزالوا في تردد بين أن يسلموا وأن يبقوا على الشرك مثل الأخنس بن شريق والوليد بن المغيرة ، وليس المراد بالذين في قلوبهم مرض المنافقون لأن المنافقين ما ظهروا إلّا في المدينة بعد الهجرة والآية مكية.
و (ما ذا أَرادَ اللهُ) استفهام إنكاري فإن (ما) استفهامية ، و (ذا) أصله اسم إشارة فإذا وقع بعد (ما) أو (من) الاستفهاميتين أفاد معنى الذي ، فيكون تقديره : ما الأمر الذي أراده الله بهذا الكلام في حال أنه مثل ، والمعنى : لم يرد الله هذا العدد الممثل به ، وقد كنّي بنفي إرادة الله العدد عن إنكار أن يكون الله قال ذلك ، والمعنى : لم يرد الله العدد الممثل به فكنّوا بنفي إرادة الله وصف هذا العدد عن تكذيبهم أن يكون هذا العدد موافقا للواقع لأنهم ينفون فائدته ، وإنما أرادوا تكذيب أن يكون هذا وحيا من عند الله.
والإشارة بهذا إلى قوله : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) [المدثر : ٣٠].
و (مَثَلاً) منصوب على الحال من هذا ، والمثل : الوصف ، أي بهذا العدد وهو تسعة عشر ، أي ما الفائدة في هذا العدد دون غيره مثل عشرين.
والمثل : وصف الحالة العجيبة ، أي ما وصفه من عدد خزنة النار كقوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) [محمد : ١٥] الآية.
وتقدم نظير هذا عند قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) في سورة البقرة [٢٦].
(كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ).
اسم الإشارة عائد إلى ما تضمنه الكلام المتقدم من قوله : (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) إلى قوله : (مَثَلاً) بتأويل ما تضمنه الكلام ، بالمذكور ، أي مثل ذلك الضلال الحاصل للذين في قلوبهم مرض وللكافرين ، والحاصل للذين أوتوا الكتاب بعد أن استيقنوا فلم يؤمنوا يضل الله من يشاء أن يضله من عباده ، ومثل ذلك الهدى الذي اهتداه المؤمنون فزادهم إيمانا مع إيمانهم يهدي الله من يشاء.
والغرض من هذا التشبيه تقريب المعنى المعقول وهو تصرف الله تعالى بخلق أسباب الأحوال العارضة للبشر ، إلى المعنى المحسوس المعروف في واقعة الحال ، تعليما