وعن النبي صلىاللهعليهوسلم : أن صعودا جبل في جهنم يتصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي فيه كذلك أبدا» ، رواه الترمذي وأحمد عن أبي سعيد الخدري. وقال الترمذي : هو حديث غريب. فجعل الله صفة صعود علما على ذلك الجبل في جهنم. وهذا تفسير بأعظم ما دل عليه قوله تعالى : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً).
وجملة (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) إلى آخرها بدل من جملة (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) [المدثر : ١٦] بدل اشتمال.
وقد وصف حاله في تردده وتأمله بأبلغ وصف. فابتدئ بذكر تفكيره في الرأي الذي سيصدر عنه وتقديره.
ومعنى (فَكَّرَ) أعمل فكره وكرّر نظر رأيه ليبتكر عذرا يموهه ويروّجه على الدهماء في وصف القرآن بوصف كلام الناس ليزيل منهم اعتقاد أنه وحي أوحي به إلى النبيصلىاللهعليهوسلم.
و (قَدَّرَ) جعل قدرا لما يخطر بخاطره أن يصف به القرآن ليعرضه على ما يناسب ما ينحله القرآن من أنواع كلام البشر أو ما يسم به النبي صلىاللهعليهوسلم من الناس المخالفة أحوالهم للأحوال المعتادة في الناس مثال ذلك أن يقول في نفسه ، نقول : محمد مجنون ، ثم يقول : المجنون يخنق ويتخالج ويوسوس وليس محمد كذلك ، ثم يقول في نفسه : هو شاعر ، فيقول في نفسه : لقد عرفت الشّعر وسمعت كلام الشّعراء فما يشبه كلام محمّد كلام الشّاعر ، ثم يقول في نفسه : كاهن ، فيقول في نفسه : ما كلامه بزمزمة كاهن ولا بسجعه ، ثم يقول في نفسه : نقول هو ساحر فإن السحر يفرق بين المرء وذويه ومحمد يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ، فقال للناس : نقول إنه ساحر. فهذا معنى (قَدَّرَ).
وقوله : (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) كلام معترض بين (فَكَّرَ) و (قَدَّرَ) وبين (ثُمَّ نَظَرَ) وهو إنشاء شتم مفرع على الإخبار عنه بأنه فكر وقدّر لأن الذي ذكر يوجب الغضب عليه.
فالفاء لتفريع ذمه عن سيّئ فعله ومثله في الاعتراض قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) [النحل : ٤٣ ، ٤٤].
والتفريع لا ينافي الاعتراض لأن الاعتراض وضع الكلام بين كلامين متصلين مع قطع النظر عما تألف منه الكلام المعترض فإن ذلك يجري على ما يتطلبه معناه. والداعي إلى الاعتراض هو التعجيل بفائدة الكلام للاهتمام بها. ومن زعموا أن الاعتراض لا يكون