وحصصا من قرى وجعل لها سماطا ومجاورين وشيخا بايزيديا آفاقيا عزبا ، وجعل لها قارئا يقرأ البخاري وشرط أن يكون حنفيا ، وجعل فوقها مكتبا للأيتام ، واتخذ بها مدفنا فخرج إلى الموكب ، فلما رجع سمع قراءة بالمدفن فقال : ما هذا؟ فقال : يقرؤون القرآن للواقف ، فقال : إنما جعلت هذا المكان سقاية للماء. وأما بوابتها فكانت بوابة بدار العدل فنقلها إلى هذه الزاوية ، وأما الحوض الذي بحضرة شبابيكها فكان السلطان المؤيد قد أحضره لما أراد إعادة السور على عادته القديمة ليجعله عتبة باب عند ساحة بزا ، فلما لم يتفق ذلك ألقيت هناك فأحضرها تغري برمش وجعلها حوضا ، وهذه الزاوية لطيفة محكمة بالحجر المنحوت وفرش من الرخام الأصفر وغيره وإلى جانبها مطبخ يطبخ به للفقراء ومرتفق يأتي إليه الماء من دولاب على القناة ، وجعل النظر فيها لمن تولى نيابة السلطنة بقلعة حلب ، فكأنه والله أعلم استشعر من نفسه الخروج عن الطاعة عند موت الأشرف فخاف أن يهدمها أهل القلعة وجعل عمالتها للرئيس ضياء الدين ابن النصيبي لأنه هو الذي تولى عمارتها وكان صديقا له انتهى.
أقول : دثرت هذه الزاوية ولم يبق لها ولا لأوقافها أثر. وأخبرني بعض أهل المحلة نقلا عن بعض شيوخها أنها خربت في الزلزلة التي حصلت سنة ١٢٣٧ وأن محلها أمام جامع الأطروش تبعد عنه إلى جهة الشمال قليلا والله أعلم.
سنة ٨٤٣
تولية حلب لجلبان ثم لقانباي الحمزاوي
قال أبو ذر في كنوز الذهب : وفيها تقرر جلبان نائب طرابلس في كفالة حلب عوضا عن تغري ورمش وذلك رابع عشر ربيع الآخر وأجرى النهر واجتهد فيه ، ثم استقر قانباي الحمزاوي في كفالتها بحكم انتقال جلبان إلى دمشق ، وجلبان أجرى النهر وعزل طريقه وسد عوراته وصرف على ذلك مال كثير من أموال أرباب الأملاك.
ترجمة جلبان :
قال في المنهل الصافي : جلبان بن عبد الله المعروف بأمير ياخور الأمير سيف الدين نائب الشام ، اتصل بخدمة الملك المؤيد شيخ لما كان أميرا ودام عنده حتى طرق الملك