ست قبب تحتها ستة أعمدة ضخمة ثلاثة منها من الحجر الأزرق وثلاثة من الحجر الأبيض. والبناؤون يعجبون لحسن هندسة قناطر الرواق وباب القبلية وقبته وما حواليه ، وصحن الجامع واسع جدا وله ثلاثة أبواب واحد من الجهة الغربية وواحد من الجهة الشمالية وهذا قد كان مسدودا. والبناء الذي أمامه وهو عبارة عن سوقين شمالي وغربي كانا من جملة أوقاف الجامع باعهما منذ ستين سنة بعض من لا خلاق له من التجار المتزيين بزي أهل الصلاح كان متصلا به ولا طريق هناك فسعى في فتحه منذ عشرين سنة مفتي حلب الشيخ محمد العبيسي ، ومن ذلك الحين اتصل الطريق الذي يأخذ بك إلى المدرسة السلطانية.
وقد اتخذ هذين السوقين مع العرصة التي هي جنوبي السوق الشمالي وشرقي السوق الغربي من اشتراهما وهم بيت الماركوبلي من التجار الإيطاليين المقيمين منذ زمن بعيد خانا كبيرا ويعرف هذا المكان وهذا الخان بالشونة.
والباب الثالث هو من الجهة الشرقية تصعد إليه من صحن الجامع بدرجات.
النهضة العلمية في الشهباء
وإحياء هذا المعهد بالعلم
كانت الشهباء في أوائل هذا القرن مزدانة ببعض العلماء فكانوا بها نجوما يهتدي الناس بهم ويفزعون في مهماتهم إليهم ، وكان ينتقل الواحد منهم تلو الواحد إلى الدار الآخرة ولا نجد له خلفا لزهد الناس في العلوم الدينية وعدم الإقبال عليها لأسباب متعددة ، منها أن قضاة البلاد كانوا يعينون من الآستانة ، ومنها أن لغة الدواوين والتعليم كانت باللغة التركية ، ومنها قلة رواتب الطلاب وأهل العلم بحيث أصبحت لا تفي بالضروري من المعيشة ، ومنها ترك الامتحان الذي هو من أعظم الأمور التي تدعو الطالب إلى الاجتهاد ، ومنها التساهل في إعطاء وظائف الآباء للأبناء حتى صارت كأنها سلعة تباع وصار العلم كأنه تركة تورث ، وعندي أن هذا السبب هو أعظم الأسباب التي قضت على حياة العلم وقوضت أركانه لا في هذه البلاد بل في الكثير من البلاد الإسلامية ، وزاد في الطين بلة أخذ طلاب العلوم الدينية إلى الخدمة العسكرية في الحرب العامة التي حصلت سنة ١٣٣٣ بعد أن كانوا معفيين منها