وفي رمضان حضر هجان وأخبر بأن العسكر على حصار قلعة كوارة ومات في مدة المحاصرة قانصوه بن فارس المعروف بقرا وهو من مماليك السلطان وكان من الأمراء العشراوات ، ثم أخذت هذه القلعة فيما بعد وهدمت إلى الأرض.
وفي ذي القعدة جاءت الأخبار بأخذ قلعة كوارة من يد عسكر ابن عثمان فسر السلطان بذلك ، ثم بعد مدة وردت عليه الأخبار بأن العسكر قلق وهو طالب المجيء إلى مصر فتنكد السلطان لذلك وأرسل عدة مراسيم للأمراء بالإقامة فما سمعوا له شيئا. ثم جاءت الأخبار بأن أزبك أمير كبير قد دخل إلى الشام هو والأمراء والنواب والعسكر قاصدين الدخول إلى القاهرة من غير إذن وقد جاؤوا طالبين وقوع فتنة وصرحوا بذلك ، ثم نودي من قبل السلطان بأن العسكر الذي قدم من التجريدة يصعد القلعة فامتنع المماليك من ذلك ولم يصعدوا إلى القلعة.
سنة ٨٩٦
ذكر الصلح بين السلطان بايزيد
وبين السلطان قايتباي
قال ابن إياس : في جمادى الآخرة حضر إلى الأبواب الشريفة قاصد من عند ابن عثمان صحبة ماماي الخاصكي الذي توجه قبل تاريخه إلى ابن عثمان ، وكان هذا القاصد الذي حضر من أجلّ قضاة ابن عثمان وكان متوليا القضاء بمدينة بروسة وهو شخص من أهل العلم يقال له الشيخ علي جلبي ، فلما صعد إلى القلعة أكرمه السلطان وبالغ في تعظيمه جدا وحضر على يديه مفاتيح القلاع التي كان ابن عثمان قد استولى عليها فسلمها إلى السلطان ، وأشيع أمر الصلح فأنزله السلطان في مكان أعد له على غاية الإكرام.
ثم إن السلطان أطلق إسكندر بن ميخال [فيما سبق سماه ابن جيحان ولعل ما هنا أصح] الذي كان أسر وسجن كما تقدم وأقام مدة طويلة ، فلما أطلقه السلطان أحسن إليه وكساه وكذلك أطلق الأسرى الذين كانوا مأسورين من عسكر ابن عثمان وكساهم وأحسن إليهم وتوجهوا إلى بلادهم صحبة القاصد لما سافر. هذا ما كان من ملخص أمر الصلح بين السلطان وبين ابن عثمان.