آبار ماؤها ملح يستعملونه في حوائجهم الضرورية ، وفي البلدة بئر ماء معين واقع في جانبها الغربي الشمالي متصلة في التلة الغربية من البلدة تستقي حماماتهم من مائها ، ويوجد في شمالي البلدة على بعد عشرين دقيقة في خرائب إدلب الكبرى عدة آبار ماء معين عذب يشرب منها أبناء السبيل وربما يستقي منها أهل البلد عند قلة ماء المطر ، وأغزرها ماء بئر يسمى (البريات) قلما ينزح ماؤها مهما توافدت عليه الوراد. ويوجد أيضا بجانبها الغربي على بعد مسافة ساعة عيون ماء معين يجري على وجه الأرض تسمى (مرتين) من أعذب مياه الدنيا وأطيبها وهو يسقي ثلاثة بساتين متنوعة الأشجار مختلفة البقول. (١)
أما موقع البلدة فلطيف للغاية لاحتباك شجر الزيتون وإحاطته بالبلدة من أطرافها الأربعة إحاطة الهالة بالقمر على مسافة أكثر من ساعتين من الجهات الأربع ، ويتخلل أشجار زيتونها أنواع من الشجر النفيس كالتين المتنوع الأشكال والعنب المختلف الألوان وكذلك المشمش واللوز والجوز وكثير من الأشجار ذات الثمار اللذيذة.
وأما الهواء بها فمعتدل للغاية والحر بها قليل الدوام سريع الزوال ، وأرضها جيدة وتربتها قابلة الإنبات وترابها أحمر قان ، وقد كان مرتبها قبل ثلاثمائة سنة شيئا زهيدا يدفع بجهة الخراج الموظف لجانب الدولة العثمانية. وحينما اجتاز بها المرحوم محمد باشا الكوبريلي شاهد من أهلها حفاوة وإكراما فابتاع بها قطع أراض معدودة ، ولما عهد إليه بمسند صدارة الدولة العثمانية أمر بإنشاء عدة عقارات في إدلب أدخلها في جملة وقفه. ثم استحصل فرمانا عاليا من السلطنة العثمانية باقتطاع وارداتها بجهة التمليك الملوكي وجعلها جفتلكا مستقلا خاصا بدولته مفروز القلم عن غيره مقطوع القدم من تسلطات أحد من المأمورين واستثناها من جميع التكاليف الأميرية بما استحصله من الامتيازات العالية حتى يروى أن أحد الجناة في غير بلاد إذا دخلها فقد أمن على نفسه من أن تصل إليه يد أحد. وكان يرسل لأجل إدارة شؤونها متسلما من خواص لائذيه ويعامل حسبما يتلقاه من أوامر سيده موليه أهلها بالعدل والإحسان ، فهرعت إليها بالجهرة أهل القرى المجاورة وقصدها الكثير من أطراف البلاد وتديرها طوائف من الناس ، ثم اختصها بطبخ الصابون دون سائر بلاد حلب فأنشئت بها ثلاثة وثلاثون مصبنة كلها تطبخ الصابون بحيث يصل منه إلى بغداد والروم إيلي وغيرها من
__________________
(١) أقول : جلبت عيون مرتين إلى إدلب هذه السنة وهي سنة ١٣٤٣ بمساعي المفتي المذكور وقائم مقامها وطنينا توفيق بك الحياني ، وسنذكر ذلك في الكلام على أعمال دائرة النافعة.