حماة ويقرأ عليهم الخط السلطاني ويرجعهم إلى دمشق ليقال لو لا خاطر الشيخ محمد ما رجعنا ، فخرج الشيخ محمد إليهم في ثاني عشر رجب ثم عاد يوم الأحد ثاني شعبان ولم يسمعوا قوله ، وخرجوا بعد قراءة الحكم عليهم والكلام معهم إلى الطيبة ثم توجهوا إلى ناحية حلب وانضم إليهم غجر محمد الجلالي وعشيره ، ثم رجعوا في أواخر شعبان إلى دمشق بعد أن صار بينهم وبين ناصف باشا وابن جانبولاذ مناوشة عند كلّز يوما واحدا ، ثم ولوا هاربين وتفرق عشيرهم وذلك بعد أن حاصروا كلّز أياما وخربوا ما حولها من قرية الباب وعزاز وغيرهما من قرى حلب وهتكوا النساء وافتضوا جملة من أبكارهن ودخلت أشقياؤهم حماما بكلّز على النسوة وفعلوا أفاعيل جاهلية ، ثم تلاقوا مع نصوح باشا وابن جانبولاذ خارج كلّز يوما واحدا ثم انهزموا من ليلتهم وعادوا إلى دمشق وفرّ غجر محمد إلى البيوة ، وكانت الوقعة في أواسط شعبان ، ثم تتبع نصوح باشا غجر محمد الجلالي ومعه عشيره ومنهم طائفة من جند الشام فأغار عليهم في شوال وهو في الربيع بالقرب من حماة وانتهبهم وأخذ خيولهم وكرر الغارة عليهم ، فلما كان أوائل ذي الحجة مرّ مصطفى باشا الشهير بابن راضية متوليا نيابة الشام بغجر محمد وقد جمع عشيرا نحو ثلاثة آلاف مقاتل فقالوا له : لا نمكنك من الذهاب إلى دمشق حتى تنتصف لنا من ناصف باشا ، فسار معهم مكرها ، وكانوا قد تظاهروا بقطع الطريق وضربوا على أهل حمص وحماة ضرائب من المال واعترضوا القوافل وجرموهم فخرجوا بمصطفى باشا من حماة إلى ناحية حلب فلم يلبثوا إلا وناصف باشا قد انقض عليهم ، فلم يثبتوا له ساعة وأفلت عليهم المكاحل فقتل منهم جماعة كثيرون وفرّ الغجر ومن معه من الجند الشامي وانحاز مصطفى باشا إلى ناصف باشا ، ثم بعث خلف الغجر طليعة من العرب فيهم الأمير دندن ابن أبي ريشة الحياري فسار خلفه إلى تدمر وشتت شمله.
ثم شاع الخبر في دمشق في رابع أو خامس ذي الحجة أن ناصف باشا وصل إلى دمشق للانتقام من الجند ، ثم عقب يومين وصل من طرفه رسول ومعه كتاب فيه يطلب منهم نحو ثلاثين رجلا ليأخذ ما في عهدتهم من الأموال السلطانية التي تناولوها من أموال حلب ومنهم خداوردي وآق يناق وقرا يناق وحمزة الكردي وآخرون ، وإن لم يسلموا هذه الطائفة إليه وإلا أتى دمشق وقاتلهم واستأصلهم ، فامتنعوا وأظهروا له العناد والتمرد والقوة والاشتداد ، ثم دخلت طائفة منهم إلى القلعة واستولوا عليها وتحصنوا ، ثم بعثوا منهم جماعة