صمصام الدين عن حمص في أول ربيع الأول ، فلقي الأمير قسيم الدولة البرسقي بتل السلطان بعد انفصاله عن حلب وانهزام الإفرنج عنها ، وكان سرى إليهم من بالس ووصل إلى حلب وفرح أهل حلب ونهبوا من خيام الإفرنج مقدار المائة خيمة من على جبل جوشن وما بقي من هلاكهم شيء ، لكن الله أمسك أيدي الترك عنهم بمشيئته.
وقرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن الحصين في تاريخه في حوادث سنة ثمان عشرة وخمسمائة : وفي ثاني عشر ذي حجتها دخل البرسقي إلى حلب وفي غده رحل الإفرنج عنها. قلت : وبعد أن أقام البرسقي بحلب ورتب أحوالها ترك ولده بها وعاد إلى الموصل فقتله الإسماعيلية على ما نذكره.
قال لي شيخنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجوزي : كان آقسنقر البرسقي خيّرا عادلا لين الأخلاق حسن العشرة مع أصحابه ، قال لي : أخبرني أبي محمد ابن عبد الكريم قال : حكى بعض الغلمان الذين كانوا يخدمون البرسقي قال : كان يصلي البرسقي كل ليلة صلاة كثيرة ، وكان يتوضأ هو بنفسه ولا يستعين بأحد ، قال : فرأيته في بعض ليالي الشتاء بالموصل وقد قام من فراشه وعليه فرجية وبر صغيرة وبيده إبريق نحاس وقد قصد دجلة ليأخذ ماء يتوضأ به ، قال : فلما رأيته قمت إليه لآخذ الإبريق من يده فمنعني وقال : يا مسكين ارجع إلى مكانك لأنه برد ، فاجتهدت به لآخذ الإبريق من يده فلم يفعل ، ولم يزل حتى ردني إلى مكاني ثم توضأ ووقف يصلي. قال : وذكر لي من أحواله الحسنة أشياء يطول ذكرها.
سمعت شيخنا الصاحب قاضي القضاة بهاء الدين أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول : كان البرسقي ديّنا عادلا ، قال : ومما يؤثر عنه أنه قال يوما لقاضي الموصل أظنه المرتضى الشهرزوري : أريد أن تساوي بين الرفيع والوضيع في مجلس الحكم وأن لا تخص أولي الهيئات والمراتب بزيادة احترام في مجلس الحكم ، فقال له القاضي : وكيف لي بذلك ؟ فقال : ما لهذا طريق إلا أن ترتاد خصما يخاصمني في قضية ويدعوني إلى مجلس الحكم وأحضر إليك وتلتزم معي ما تلتزمه مع خصمي ، وسوف أرسل إليك خصما لا تشك في أنه خصم لي ويدعي علي بدعوى ، فادعني حينئذ إلى مجلس الحكم لأحضر إليك ، وجاء إلى زوجته الخاتون ابنة السلطان محمود فيما أظن وقال لها : وكلي وكيلا