الوالي إليه ونزل فوجده قد مات فجأة ، وقيل سقي سما فمات ، وندم الوالي على تسليم الرحبة ، وكان قد وصلت قطيعة من العسكر لتقوية حلب فمنعهم تومان من الدخول إليها فوقع الشر بينه وبين رئيس حلب فضايل بن بديع وأدخلهم إلى حلب ، فوصل إلى حلب ختلغ أبه السلطاني غلام السلطان محمود ومعه توقيع مسعود بن البرسقي بحلب كتبه قبل وصوله إلى الرحبة ، فلم يقبله تومان والي حلب ، فعاد ختلغ أبه إلى الرحبة وقد جرى فيها ما ذكرناه من موت مسعود ، فعاد ختلغ أبه على فوره إلى حلب فتسلمها من يد تومان آخر جمادى الآخرة ، وصعد إلى قلعتها بطالع اختاره له المنجمون فأخذه الطمع في أموال الناس وصادر جماعة من أهل حلب واتهمهم بودايع المجن الفوعي رئيس حلب المقتول في أيام رضوان ، وقبض على شرف الدين أبي طالب بن العجمي وعمه أبي عبد الله واعتقلهما بقلعة حلب ، وثقب كعاب أبي طالب وصادره فعاد فعله القبيح عليه بالبوار وضل رأي منجمه في ذلك الاختيار. وقام أهل حلب عليه فحصروه وقدموا عليهم بدر الدولة سليمان ابن عبد الجبار ، ونادى أهل حلب بشعار بدر الدولة ، وساعده على ذلك رئيس حلب فضايل بن صاعد بن بديع ، وقبض على أصحاب ختلغ أبه وذلك في الثاني من شوال ، وقصد في تلك الحال ملك أنطاكية جوسلين فصانعوه على مال حتى رحل وضايقوا القلعة وحرقوا القصر ، ودخل إليهم إلى المدينة الملك إبراهيم بن رضوان ووصل إليهم حسان صاحب منبج وصاحب بزاعة ودام الحصار إلى النصف من ذي الحجة.
ولاية عماد الدين زنكي على الموصل وأعمالها
واستيلاؤه على سروج والرها والبيرة وحران
قال ابن الأثير : لما توفي عز الدين مسعود بن البرسقي ولي السلطان عماد الدين زنكي الموصل وأعمالها ، فتوجه واستولى عليها وعلى بلاد الجزيرة.
وبسط ابن الأثير الخبر في ذلك إلى أن قال : ثم سار إلى حران وهي للمسلمين وكانت الرها وسروج والبيرة وتلك النواحي جميعها للفرنج وأهل حران معهم في ضرر عظيم وضيق شديد لخلو البلاد من حام يذب عنها وسلطان يمنعها ، فلما قارب حران خرج أهل