عادته في أكثر الجمع وقصد المنبر ، فلما قرب منه وثب عليه ثمانية نفر في زيّ الزهاد فاخترطوا خناجر وقصدوه وسبقوا الحفظة الذين حوله فضربوه حتى أثخنوه وجرحوا قوما من حفظته ، وقتل الحفظة منهم قوما وقبضوا قوما ، وحمل البرسقي بآخر رمقه إلى بيته وهرب كل من في الجامع وبطلت صلاة الجمعة ومات الرجل من يومه ، وقتل أصحابه من بقي بأيديهم من الباطنية ، ولم يفلت منهم سوى شاب كان من كفر ناصح ضيعة من عزاز من شمالي حلب.
قال حمدان فيما نقلته من خطه : وحدثني رجل منها أنه كان له والدة عجوز لما سمعت بقتلة البرسقي وكانت تعرف أن ولدها من جملة من ندب لقتله فرحت واكتحلت وجلست مسرورة كأنه عندها يوم العيد ، وبعد أيام وصلها سالما فأحزنها ذلك وقامت وجزت شعرها وسودت وجهها. اه.
قال ابن خلكان في ترجمته : إن سبب قتل الباطنية له أنه كان تصدى لاستئصال شأفتهم وتتبعهم وقتل منهم عصبة كبيرة رحمهالله تعالى قال : والبرسقي بضم الباء والسين.
تتمة حوادث سنة ٥٢٠ و٥٢١
استيلاء عز الدين مسعود بن آقسنقر على حلب وتوليته عليها تومان
ثم توجهه إلى الرحبة وموته أمامها فجأة وتوليته حلب لختلغ أبه
ثم لسليمان بن عبد الجبّار
قال ابن العديم : ملك عز الدين مسعود حلب عند ورود الخبر عليه بقتل أبيه في سنة عشرين واستوزر المؤيد وزير أبيه وولى فيها من قبله الأمير تومان. وسار من حلب في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة إلى السلطان محمود وهو ببغداد فسأله أن ينعم عليه ببلاد أبيه ، فكتب له منشورا بذلك ، فوصل إلى الموصل وملكها ، ثم نزل إلى الرحبة قاصدا إلى الشام ، وكان يظن أن قاتلي أبيه قوم من أهل حماة ، فأضمر للشام وأهله شرا عظيما ورجع عما كان عليه من الأفعال المحمودة والإقبال على مجاهدة الفرنج. وبلغ طغتكين عنه أنه يقصده فتأهب له ، فلما نزل بظاهر الرحبة امتنع واليها من تسليمها فحاصرها أياما فسلمها