برسق في نحو مائة فارس فرأى الحال فصعد تلا هناك ومعه أخوه زنكي وأحاط بهم السوقية والغلمان واجتمعوا بهم ومنعوا الأمير برسق من النزول ، فأشار عليه أخوه زنكي ومن معه بالنزول والنجاة بنفسه ، فقال : لا أفعل بل أقتل في سبيل الله وأكون فداء المسلمين ، فغلبوه على رأيه فنجا هو ومن معه ، فتبعهم الفرنج نحو فرسخ ثم عادوا وتمموا الغنيمة والقتل وأحرقوا كثيرا من الناس ، وتفرق العسكر وأخذ كل واحد جهة ، ولما سمع الموكلون بالأسرى المأخوذين من كفر طاب ذلك قتلوهم وكذلك فعل الموكل بإياز بن إيلغازي قتله أيضا ، وخاف أهل حلب وغيرها من بلاد المسلمين التي بالشام فإنهم كانوا يرجون النصر من جهة هذا العسكر فأتاهم ما لم يكن في الحساب ، وعادت العساكر عنهم إلى بلادها ، وأما برسق وأخوه زنكي فإنهما توفيا سنة عشر وخمسمائة ، وكان برسق خيرا دينا وقد ندم على الهزيمة وهو يتجهز للعود إلى الغزاة فأتاه أجله اه.
سنة ٥١٠ و٥١١
ذكر قتل لؤلؤ الخادم واستيلاء إيلغازي بن أرتق على حلب
وتولية ابنه حسام الدين تمرتاش
قال ابن العديم : أما لؤلؤ الخادم فإنه صار بعد ملازمة القلعة ينزل منها في الأحيان ويركب ، فاتفق أنه خرج في سنة عشر وخمسمائة بعسكر حلب والكتاب إلى بالس وهو في صورة متصيد ، فلما وصل إلى تحت قلعة نادر قتله الجند ، واختلف في خروجه فقيل إنه كان حمل مالا إلى قلعة دوسر وأودعه عند ابن مالك فيها وأراد ارتجاعه منه والعود إلى حلب ، وكان السلطان قد أقطع حلب والرحبة آقسنقر البرسقي فواطأ جماعة من أصحابه على قتل لؤلؤ وأمل أنهم إذا قتلوه يصح له إقطاع حلب ، فقتلوه وسار بعضهم إلى الرحبة فأعلموه فأسرع آقسنقر البرسقي المسير إلى حلب من الرحبة وانضاف بعض عسكره إلى بقية القوم الذين قتلوه وطمعوا في أخذ حلب لأنفسهم وساروا إليها ، فسبقهم ياروقتاش الخادم أحد خدم الملك رضوان ودخل حلب. وقيل إن لؤلؤ كان قد خاف فأخذ أمواله وخرج طالبا بلاد الشرق للنجاة بالأموال ، فلما وصل إلى قلعة نادر قال سنقر الجكرمش : تتركونه يقتل تاج الدولة ويأخذ الأموال ويمضي ، وصاح بالتركية : الأرنب الأرنب فضربوه بالسهام فقتلوه ،