بأي لسان أقتضي شكر نعمة |
|
مننت بها عفوا ولم أتكلّم |
وقد كان حالي في أخير ذمائه |
|
فكنت له مثل المسيح ابن مريم |
ولولاك ما كان القريض بنافع |
|
ولا كان في جيد العلا بمنظّم |
وله في بدأة قصيدة يرثي بها ولده :
بنيّ بكاك الجود والسيف والقلم |
|
ولو تستطيع الشّهب لم تبد في الظّلم |
٦٢ ـ أبو محمد عبد الله بن خليفة القرطبي يعرف بالمصري لطول إقامته بمصر (١)
من الذخيرة : شيخ الفتيان ؛ وآبدة الزمان ، وخاتمة أصحاب السلطان ، وكان رحل إلى مصر واسمه خامل ، وسماؤه عاطل ، فلم يلبث ، أن طرأ على الأندلس ، وقد نشأ خلقا جديدا ، وجرى إلى النباهة طلقا بعيدا ، فتهادته الدول ، وانتهت إليه التفاصيل والجمل ، وكلما طرأ على ملك فكأنه معه ولد ؛ وإليه قصد ، يجري مع كل أحد ويجول في كل بلد ، وتلوّن في العالم تلوّن الزمان ، وتلاعب بملوك الطوائف تلاعب الرياح بالأغصان ، حتى ظفر به المأمون بن ذي النون ، فشدّ عليه يد الضّنين. وذكر : أنه اشتهر بالطب ، وكان كثير النادرة حاضر الجواب. ووقفت له على شعر أكثره عاطل من حلية البديع. ولما انصرفت الدولة الذنوبية تحيّز إلى إشبلية ، فأنس المعتمد بمكانه ، وجعل له حظّا من سلطانه ، وذكر : أنه بقي بعد خلع المعتمد مشتملا على فضل جدة ، إلى أن توفّي سنة ست وتسعين وأربعمائة يوم الجمعة منتصف رجب.
وذكر ابن حيان : أنه كان ابن جاره له خفّاف ، وأخذ في ذمه. وأنشد له في المأمون بن ذي النون [الطويل].
وقد كان لي في مصر دار إقامة |
|
ولكن إلى المأمون كان التشوّق |
حللت عليه والمكارم جمّة |
|
وسحب العطايا فوقها تتألّق |
وقوله (٢) :
الحب داء دواؤه القبل |
|
والرّسل بين الأحبّة المقل |
يا حفظ الله ليلة سلفت |
|
حيّت ببدر سماؤه الكلل |
__________________
(١) هو أبو محمد المصري عبد الله بن خليفة القرطبي اشتهر بالطب ورواية الشعر ، مدح باديس بن حبوس ، صاحب غرناطة ، توفي سنة ٤٩٦ ه. الذخيرة (ق ٤ / ص ٣٤٢) وقلائد العقيان (ص ٧) ونفح الطيب (ج ٢ / ص ٦٩).
(٢) الأبيات في الذخيرة (ج ١ / ق ١ / ص ٣٤٦).