يفرّج أولاده عامدا |
|
ويبعدهم أبدا منزلا |
ويرجع للبيت من حينه |
|
لوغد أخي فيشة مبتلى |
يعذّبه يومه منشدا |
|
علوت فلا تزهدن في العلا |
تعلّم من لطفه صنعة |
|
تصيّر مخرجه مدخلا |
علمت قدر شعره ، وما صبّه الله منه على أهل عصره.
قال والدي : هجّاءو الأندلس : المخزومي ، واليكي ، والأبيض.
وأنشد علي بن أضحى قاضي غرناطة قصيدة منها (١) :
عجبا للزمان يطلب ثاري (٢) |
|
وملاذي منه عليّ بن أضحى |
الأبيّ الذي يمدّ من البأ |
|
س إباه إلى السماكين رمحا |
جاره قد سما على النّطح عزّا |
|
ليس يخشى من طالب الثأر (٣) نطحا |
فكأني علوت قرن فلان |
|
أيّ تيس مطوّل القرن ألحى |
فقال له : يا أبا بكر هلا اقتصرت على ما أنت بسبيله فكم تقع الناس؟! فقال : أنا أعمى وهم لا يبرحون حفرا ، فقال : والله لا كنت لك حفرة أبدا. وجعل يوالي عليه يده.
وأخبرني والدي : أن جدّه عبد الملك بن سعيد كان كثير الإحسان له مستحفظا من لسانه ، وبعد ذلك فما سلم من أذاته. ومن خبره معه : أنه قصده مرة وهو بقلعته ، فأنزله وتلقاه ببرّ قولا وفعلا ، ثم إنه قال لغلام له : أسأل في الموضع الذي نزل فيه المخزومي متى يرحل؟ وكان غرضه أن يرسل له زاد ، وينظر ما يركب عليه ، فأساء الغلام التناول ، وضرب عليه بابه ، فخرج له الأعمى ، فقال : يقول لك القائد : متى ترحل؟ فقال : ارفق أكتب لك الجواب ، فكتب له أبياتا منها :
لا ترجونّ بني سعيد للنّدى |
|
فالظلّ أفيد منهم للسائل |
فلقد مررت على منازلهم فما |
|
أبصرت منها غير بعد منازل |
قوم مصيبتهم بطلعة وافد |
|
وسرورهم أبدا بخيبة راحل |
وفيهم يقول وقد أسكنوه جوارهم :
__________________
(١) الأبيات في الإحاطة (ج ١ / ص ٢٦١ وما بعدها).
(٢) في الإحاطة : هضمي.
(٣) في الإحاطة : حادث الدهر.