شعبان فقال : انظر ماذا تقول ، فإني على أن أكتب بطاقة إلى الأمير فلا تنشبني إلا في صحيح.
وحكي عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قول في شيء ، فقال : من أين قال هذا النبيّ صلىاللهعليهوسلم؟! فأشار إليه محمد بن غالب أن احذر السّيف. وكان ولده أبو الجودي يشير إلى الفقه بلا علم ، فاعتلّ محمد في بعض الجمع فصلّى ابنه عوضه بأمر الأمير ، فشقّ على آل السلطان ذلك لصلابة أبيه ، فدسّوا مع رقع البطائق على أبي الجودي بكل قبيحة ، فقال : لا ألتفت إلى ذلك حتى أمتحن حقيقته بمحمد بن وليد الفقيه ، وكان عنده في أعلى المنازل ، بخديعة وذلك : أنه كان يأخذ حزمة حطب فيجعلها على عنقه ، ويتلقاه في محجّته من ناحية الجبل إذا خرج للصيد كأنه مقبل بخطب على ظهره يعيش منه ، فإذا مرّ به وضع الحزمة ، وأقبل يسلم عليه! فيقول الأمير : هذا فقيه فاضل حقّا ما له قرين! فقامت له بهذا عنده سوق فبعث له الحاجب ابن حدير السّليم وكان يكره القاضي في شأن ولده ، فقال له : كفيتك ، فلما أحضره الأمير وأخذ معه في ذلك قال : إني ـ أكرم الله الأمير ـ ليست بيني وبين ولد القاضي خلطة ، ولا أعرفه ، غير أني رأيت الناس بعد صلاة الجمعة يعيدون الصلاة ، فسألت عن ذلك فقالوا : لما اعتلّ القاضي تقدّم بالناس ابنه ، فلم يرضوه فأعاد أكثر الناس الصلاة ، فلما سمع الأمير هذا قال : لا يعيد الناس الصلاة إلا من أمر عرفوه منه ، لا يصلى بعد هذا.
٩٧ ـ القاسم أحمد بن محمد بن زياد اللخمي (١)
من كتاب ابن عبد البر : كان عربيّا شريفا وشيخا وسيما جميلا ذا هيئة حسنة ، غير أنه أهان خطّة القضاء وتبذّل فيها بالركوب إلى السلطان والدخول فيما لا يسعه من أمورهم ، وكان مموّلا ، كثير الصدقات سخيّا بإطعام الطعام ، وكان يصنع الصنائع العظيمة ويحضرها شيوخ زمانه من الفقهاء والعدول ، ولم يزل قاضيا وصاحب صلاة حتى توفّي الأمير عبد الله ، وأقرّه الناصر شهورا.
ثم عزله وولي أسلم بن عبد العزيز ، ثم أعاده إلى أن مات ، فعاد أسلم. وكان اعتماده في الشورى على محمد بن عمر بن لبابة وابن وليد وعبيد الله بن يحيى.
قضاة الفتنة
٩٨ ـ أبو بكر يحيى بن عبد الرحمن بن وافد (٢)
من كتاب ابن حيان في القضاة : استقصاه وولاه الصلاة هشام المؤيّد آخر أئمة الجماعة إثر سخطه على أحمد بن ذكوان ونفيه له وقت اشتعال الفتنة البربرية ، وكان يقول إنه من عرب
__________________
(١) ترجمته في تاريخ علماء الأندلس (ج ١ / ص ٤٠) وذكره الخشني (ص ١٧٤ ، ١٨٨).
(٢) ترجمته في الصلة (ص ٦٠٢) وذكر أنه كان فقيها حافظا بصيرا بالأحكام مع الورع والفضل.