إنّ الله سبحانه أوجد الغريزة الجنسية في الإنسان لحفظ النسل ، وكلّ مذهب أو قانون يتعارض مع هذه الغريزة فإنّه باطل.
الزهد الإسلامي الذي يعني البساطة في الحياة والابتعاد عن الكماليات ، وعدم الوقوع في أسر المال والموقع ـ لا يرتبط أصلا بمسألة الرهبانية ، لأنّ الرهبانية تعني الانفصال والغربة عن المجتمع ، والزهد يعني التحرّر من المادّيّات والترفّع عن المغريات لكي تتمّ المعايشة بصورة اجتماعية أفضل.
ونقرأ في قصّة «عثمان بن مظعون» في موت ولده أنّه لم يعد يخرج للعمل حزنا عليه ، وانشغل في العبادة وترك كلّ عمل سواها وجعل من بيته مسجدا ... فعند ما وصل خبره للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أحضره وقال له : «يا عثمان ، إنّ الله تبارك وتعالى لم يكتب علينا الرهبانية ، إنّما رهبانية امّتي الجهاد في سبيل الله» (١).
وذلك إشارة إلى أنّ الإعراض عن الحياة الماديّة والانزواء الاجتماعي ، وتعطيل الأعمال بصورة سلبية ، يجب أن يصبّ في مسير إيجابي ، وذلك بالجهاد في سبيل الله. ثمّ أنّ الرّسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن له بعض فضائل صلاة الجماعة ، والتي هي تأكيد على نفي الرهبانية في الشرع الإسلامي.
وفي حديث عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام عند ما سأله أخوه علي بن جعفر : الرجل المسلم هل يصلح أن يسيح في الأرض أو يترهّب في بيت لا يخرج منه قال عليهالسلام : «لا».
وتوضيح ذلك : إنّ السياحة التي نهي عنها في هذه الرواية ، هي تلك الممارسة التي تكون على مستوى الرهبانية ويمكن أن نطلق عليها (الرهبانية السيّارة) وذلك أنّ بعض الأفراد قبل أن يوفّروا لأنفسهم المستلزمات الأساسية لحياتهم من سكن أو عمل أو مصدر عيش .. فإنّهم يقومون بالسياحة والتجوّل في ربوع الدنيا
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٧٠ ، ص ١١٤ باب النهي عن الرهبانية ، حديث ١.