والأمواج الصوتية التي تستطيع اذن الإنسان سماعها هي أمواج محدودة ، أمّا الأمواج الصوتية الاخرى التي لا تستطيع الاذن سماعها فتقدّر بالآلاف.
وبالنسبة للألوان التي نستطيع رؤيتها فهي سبعة ألوان معروفة ، وقد أصبح من المسلّم اليوم وجود ما لا نهاية له من الألوان الاخرى ، كلون ما وراء البنفسجي ، وما دون الأحمر ، حيث لا يمكن أن تراها أعيننا.
أمّا عدد الحيوانات المجهرية التي لا ترى بالعين المجرّدة فهي كثيرة جدّا إلى حدّ أنّها ملأت جميع العالم ، إذ توجد في قطرة الماء أحيانا آلاف الآلاف منها ، فما أضيق تفكير من يضع نفسه في إطار المحسوسات المادية فقط ، ويبقى جاهلا لأمور كثيرة لا تستطيع الحواس أن تدركها ، أو أنّه ينكرها أحيانا؟
لقد أثبتت الدلائل العقلية والتجريبية أنّ عالم الأرواح عالم أوسع بكثير من عالم أجسامنا ، فلما ذا نحبس أنفسنا وعقولنا في إطار المحسوسات؟
ثمّ تستعرض الآية اللاحقة جواب هذا القسم العظيم ، حيث يقول تعالى بأنّ هذا القرآن هو قول رسول كريم : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ).
والمقصود من الرّسول هنا ـ بدون شكّ ـ هو الرّسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس جبرائيل ، لأنّ الآيات اللاحقة تبيّن هذا المعنى بوضوح.
والسبب في نسبة القرآن إلى الرّسول بالرغم من أنّنا نعرف أنّه قول الله تعالى ، لأنّ الرّسول مبلّغ عنه ، وخاصّة أنّ الآية ذكرت كلمة «رسول» وهذا يعني أنّ كلّ ما يقوله الرّسول فهو قول مرسله ، بالرغم من أنّه يجري على لسان الرّسول ، ويسمع من فمه الشريف.
ثمّ يضيف تعالى : (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ) (١) (وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ).
__________________
(١) (قليلا) في هذه الآية وفي الآية اللاحقة هي صفة (لمفعول مطلق) محذوف. و (ما) زائدة وفي التقدير هكذا ، (وتؤمنون إيمانا قليلا).