ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً) (١).
«كفّار» هنا ليس بمعنى الأشخاص غير المؤمنين ، ولكن بمعنى «الزرّاع» لأنّ أصل الكفر هو التغطية ، وبما أنّ الزارع عند ما ينثر البذور يغطّيها بالتراب ، فقد قيل له كافر ، ويقال أنّ «الكر» جاء بمعنى القبر أحيانا ، لأنّه يغطّي جسم الميّت كما ورد في (سورة الفتح الآية / ٢٩).
وفي الحديث عن النمو السريع للنبات يقول تعالى : (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) إذ وردت هنا كلمة «الزرّاع» بدلا من الكفّار.
ويحتمل بعض المفسّرين أيضا أنّ المقصود من «الكفّار» هنا هو نفس الكفر بالله تعالى وذكروا عدّة توجيهات لهذا ، والظاهر أنّ هذا التّفسير لا يتناسب وسياق الآية ، إذ أنّ المؤمن والكافر شريكان في هذا التعجّب.
(حطام) من مادّة (حطم) بمعنى التكسير والتفتيت ، ويطلق على الأجزاء المتناثرة للتبن (حطام) وهي التي تأخذها الرياح باتّجاهات مختلفة.
إنّ المراحل التي يمرّ بها الإنسان مدّة سبعين سنة أو أكثر تظهر في النبات بعدّة أشهر ، ويستطيع الإنسان أن يسكن بجوار المزرعة ويراقب بداية ونهاية العمر في وقت قصير.
ثمّ يتطرّق القرآن الكريم إلى حصيلة العمر ونتيجته النهائية حيث يقول سبحانه : (وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ).
وأخيرا تنهي الآية حديثها بهذه الجملة : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ).
«غرور» في الأصل من مادّة (غرّ) على وزن «حرّ» بمعنى الأثر الظاهر للشيء ، ويقال (غرّة) للأثر الظاهر في جبهة الحصان ، ثمّ أطلقت الكلمة على حالة الغفلة ، حيث أنّ ظاهر الإنسان واع ، ولكنّه غافل في الحقيقة ، وتستعمل أيضا
__________________
(١) «يهيج» من مادّة هيجان جاءت هنا بمعنيين الأوّل : جفاف النبات ، والآخر : التحرّك والحيوية ، وقد يرجع هذان المعنيان إلى أصل واحد ، لأنّ النبات عند جفافه يكون مهيّأ للاندثار والانتشار بحركة الرياح.