عبّر عنها القرآن الكريم بـ (العراء) وكان هذا في وقت قبل الله تعالى فيه توبته وشمله برحمته ، ولم يكن أبدا مستحقّا عليهالسلام للذمّ.
ونقرأ في قوله تعالى : (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) (١) كي يستريح في ظلالها.
كما أنّ المقصود من (النعمة) في الآية أعلاه هو توفيق التوبة وشمول الرحمة الإلهية لحاله عليهالسلام حسب الظاهر.
وهنا يطرح سؤالان :
الأوّل : هو ما جاء في الآيتين ١٤٣ ، ١٤٤ من سورة الصافات في قوله تعالى : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وهذا مناف لما ورد في الآية مورد البحث.
وللجواب على هذا السؤال يمكن القول : كانت بانتظار يونس عليهالسلام عقوبتان : إحداهما شديدة ، والاخرى أخفّ وطأة. الاولى الشديدة هي أن يبقى في بطن الحوت إلى يوم يبعثون ، والأخفّ : هو أن يخرج من بطن الحوت وهو مذموم وبعيد عن لطف الله سبحانه ، وقد كان جزاؤه عليهالسلام الجزاء الثاني ، ورفع عنه ما ألمّ به من البعد عن الألطاف الإلهية حيث شملته بركة الله عزوجل ورحمته الخاصّة.
والسؤال الآخر يتعلّق بما جاء في قوله تعالى : (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) (٢) وإنّ ما يستفاد من الآية مورد البحث أنّه عليهالسلام لم يكن ملوما ولا مذموما.
ويتّضح الجواب على هذا السؤال بالالتفات إلى أنّ الملامة كانت في الوقت الذي التقمه الحوت توّا ، وأنّ رفع المذمّة كان متعلّقا بوقت التوبة وقبولها من قبل الله تعالى ، ونجاته من بطن الحوت.
لذا يقول البارئ عزوجل في الآية اللاحقة : (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ
__________________
(١) الصافات ، الآية ١٤٥ و١٤٦.
(٢) الصافات ، الآية ١٤٣.