تورّطنا فيه ..
والسؤال المطروح هنا : هل أنّ هؤلاء ندموا على العمل الذي أقدموا عليه ، وقرّروا إعادة النظر في برامجهم المستقبلية ، وإذا شملتهم النعمة الإلهية مستقبلا فسيؤدّون حقّ شكرها؟ أم أنّهم وبّخوا أنفسهم وكثر اللوم بينهم بصورة موقتة ، شأنهم شأن الكثير من الظالمين الذين يشتدّ ندمهم وقت حلول العذاب ، وما إن يزول الضرّ الذي حاقّ بهم إلّا ونراهم يعودون إلى ما كانوا عليه سابقا من ممارسات مريضة؟
اختلف المفسّرون في ذلك ، والمستفاد من سياق الآية اللاحقة أنّ توبتهم لم تقبل ، بلحاظ عدم اكتمال شروطها وشرائطها ، ولكن يستفاد من بعض الرّوايات قبول توبتهم ، لأنّها كانت عن نيّة خالصة ، وعوضهم عن جنّتهم بأخرى أفضل منها ، مليئة بأشجار العنب المثمرة.
ويقول تعالى في آخر آية من هذه الآيات ، بلحاظ الاستفادة من هذا الدرس والإعتبار به : (كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
وهكذا توجّه الآية خطابها إلى كلّ المغرورين ، الذين سحرهم المال وأبطرتهم الثروة والإمكانات المادية ، وغلب عليهم الحرص والاستئثار بكلّ شيء دون المحتاجين .. بأنّه لن يكون لكم مصير أفضل من ذلك. وإذا ما جاءت صاعقة وأحرقت تلك الجنّة ، فمن الممكن أن تأتي صاعقة أو عذاب عليكم من أمثال الآفات والحروب المحلية والعالمية المدمّرة ، وما إلى ذلك ، لتذهب بالنعم التي تحرصون عليها.
* * *
__________________
كانت متعدّية بـ (عن) تكون بمعنى الانصراف وعدم الاعتناء بشيء معيّن.